الجمعة، 18 يونيو 2010

رياح التغيير تعصف بقنوات البث الإذاعي المرئي العربية


رياح التغيير تعصف بقنوات البث الإذاعي المرئي العربية

كتبها: أ. د. محمد البخاري[1]

تطورات كبيرة نالت محطات الإذاعة المرئية في البلدان العربية، ومن بينها كانت التطورات الأخيرة التي طالت الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون في الجمهورية العربية السورية وشملت تغيرات عديدة طالت عدداً من المديريات والاقسام والدوائر فيها، وأصدر السيد محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء قرارا بتسمية السيدة ريم سليمان حداد الحائزة على درجة الماجستير في الادب الانكليزي من جامعة اكسفورد بروكس بامتياز عام 1997، مديرا عاما للمؤسسة العامة للانتاج التلفزيوني والاذاعي التي تم احداثها مؤخرا، لتحل محل مديرية الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني. وهي نجلة رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب السوري الدكتور سليمان حداد وزوجة الدبلوماسي السوري قصي مصطفى. بدلاً عن الإعلامية ديانا جبور التي تحمل ليسانس حقوق من جامعة دمشق، وشغلت منصب مديرة الإذاعة المرئية السورية منذ عام 2005 والمتزوجة من المخرج المعروف باسل الخطيب. وسبق وكلفت برئاسة المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني، التي تم تأسيسها مؤخرا لتحل محل مديرية الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني. وقدمت مديرة التلفزيون الجديدة وأعدت عددا من البرامج السياسية واجرت العديد من المقابلات والحوارات مع زعماء ورؤساء حكومات اجنبية.

وشهدت الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون خلال الفترة الأخيرة تغيرات عديدة طالت عدداً من المديريات والاقسام والدوائر منها، تكليف السيد نبيل شنار بمهام معاون المدير العام لشؤون البرامج.. وتكليف السيد توفيق احمد بمهام مدير الاذاعة. وتكليف السيد سعد القاسم بمهام رئيس قناة الدراما الفضائية. وكلفت السيدة سهير سرميني رئيسة لقسم القناة الفضائية.. وكلف السيد معن صالح رئيساً لقسم القناة الاولى. وكلف السيد مخلص الورار برئاسة دائرة التمثيليات في قسم الإنتاج الإذاعي بمديرية الاذاعة.. وكلف السيد غالب فارس برئاسة قسم الاخبار المصورة، وكلف السيد حبيب سلمان بالاشراف والمتابعة على اطلاق القناة الإخبارية المزمع احداثها في الهيئة. وكلف المهندس محمد بنيان بمهام مدير المشروعات في الهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون.

وكان السيد الرئيس الدكتور بشار الأسد قد أصدر في 25/4/2010 قانونا أحدث بموجبه مؤسسة عامة ذات طابع اقتصادي، في الجمهورية العربية السورية تسمى "المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي" ترتبط بوزير الإعلام، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ويكون مركزها بمدينة دمشق. وتهدف المؤسسة من خلال ما تنتجه تحقيق الارتقاء بمستوى الإنتاج الفني إلى المستوى العالمي، ودراسة السبل الكفيلة بتحويل الدراما السورية إلى صناعة دائمة التطور والإسهام في إحياء التراث العربي الأدبي والعلمي والفني، وتوظيفه لتحقيق الإنتاج الفني الذي يخدم القضايا الوطنية والقومية والإنسانية.

وعلى ما يبدو من تلك القرارات أن القيادة السورية تبدي اهتماماً ملحوظاً بالإذاعة المرئية ضمن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الأخرى العاملة في سورية. وهو ما أبرز سؤالاً هاماً، تردد منذ دخول الاختراع الجديد حيز الاستعمال الفعلي، وهو هل هناك ثمة علاقة بين الشاشة الفضية والصحيفة المطبوعة ؟ أو هل يمكن أن تستغني الإذاعة المرئية والصحف المطبوعة عن بعضهما البعض ؟ والجواب كان دائماً بالنفي لعدة أسباب: من أهمها أن الإعلام الجماهيري (MASS MEDIA) متكامل ولا يمكن فصله عن بعضه البعض رغم طغيان الشاشة الفضية في عصر العولمة على غيرها من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الأخرى. ومعروف أن الشاشة الفضية نفسها والعاملين فيها يعتمدون اعتمادا كبيرا على كتاب ومحرري الصحف ويستفيدون من كتاباتهم التحليلية حتى أصبح بعض الصحفيين ضيوفا دائمين على شاشات الإذاعة المرئية كونهم الأقدر على التحليل والتنظير والاستقراء في الموضوعات التي يكتبون فيها، في حين بقي بعض المذيعين في إطار القراءة دون أن تمتد يدهم إلى القلم، مع وجود استثناءات.

ويبدو أن بعض وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المسموعة والمرئية تنبهت إلى ضرورة المزج بين التقديم والكتابة فاعتمدت نمط المحرر المذيع وكانت إذاعتا البي بي سي، ومونت كارلو، السباقتان إلى هذا الخيار، لتحذو حذوهما محطات الإذاعة المرئية بعد انتشار البث الفضائي لما فيه من توفير في الوقت والسرعة في العمل، وربما كان الانتقال إلى مثل هذه الخطوات بسبب التقدم التقني، فكاتب البرنامج يستطيع اليوم أن يكون معدا ومقدما ومصورا ومخرجا بسبب سهولة استعمال االتقنيات الحديثة كالحاسبات الإلكترونية والكاميرات المتطورة، واعتبر غسان يوسف أن الإذاعة المرئية السورية خطت خطوة في هذا الاتجاه عبر دورة (الصحافة عبر الفيديو) التي كان له شرف المشاركة فيها وفق ما جاء في مقالة نشرتها له صحيفة الثورة الدمشقية.

ومن العودة إلى العلاقة المفترضة بين الشاشة الفضية والصحافة فلا تكاد تخلو قناة إذاعة مرئية أو برامج يومية من أقوال وتحليلات الصحف مع استضافة بعض الصحفيين، لكن البعض حاول الخروج من نمط العرض والتحليل لينتقل إلى قراءة أبعاد الخبر المنشور وليدخل في فلسفة واستراتيجية النشر كما كان يفعل حمدي قنديل في برنامجيه رئيس التحرير، وقلم رصاص، البرنامجان اللذان توقفا بسبب محاولته قراءة ما خلف الحروف، وما بين السطور، وذاق ومشاهدوه مرارة المنع والمصادرة في أربع قنوات فضائية على الأقل، بسبب خروجه عن المألوف.‏ وقد يكون سر نجاح برامج قنديل القليل من برامج الصحافة هو المزج بين سحرين أو تأثيرين كبيرين على المتلقي وهما الحبر والصورة فللحبر تأثيره, وللصورة تأثيرها فكيف إذا اجتمعا مع مقدم قدير.‏

وعلى الرغم من أن الصحافة المقروءة تستطيع أن تستخدم الإيحاء والخيال والرمزية أكثر من الشاشة الفضية، لكن ما يجمع بين الصحيفة والإذاعة المرئية هو أن الاثنتين مطالبتان بالمسؤولية قبل الحرية. وقد يكون من المفيد ذكر ما نُقل عن نابليون بونابرت: من "أنّ مقالةً صحافية تساوي جيشاً من 300 ألف رجل "! والذي غدا مضرب مثل للاعتراف بالسلطة التي تتمتع بها صاحبة الجلالة الصحافة. ولكن السؤال الذي يدور اليوم إذا كان هناك كل هذا التأثير لمقال واحد في عهد نابليون، فما هو تأثير الإعلام الجماهيري بشكل عام في عصرنا الحاضر ؟‏ ونعتقد أن الجواب لا يمكن أن يأتي إلا من خلال دراسات إعلامية علمية تحليلية جادة وهي الغائبة عن مؤسسات البحث العلمي العربية في الوقت الحاضر.

لأنه على ما يبدوا أن العلاقة بينهما غالباً ما يكون فيها الكثير من التضاد، فإذا كانت الصحافة تركز على الوعي وإيقاظ العقل بالدرجة الأولى، عن طريق تحليلها للوقائع، إلا أن العلاقة بينهما تبدو غالبا فيها الكثير من التضاد، فإذا كانت الصحافة المقروءة تركز على الوعي بالدرجة الأولى بهدف إيقاظ العقل، بالتحليل والوقائع وعرض المشكلات على حقيقتها أمامه. فإن الإذاعة المرئية في أحيان كثيرة تناقض هذه المهمة عندما تسجنها في صور مفرغة من مضامينها، تقدم شكلا إذاعياً مرئياً خاليا من المعانى، حتى أن البحث عن المعنى على فضائياتنا يصبح مضنيا، وهذا الخيار الأخير لم تأخذ به غالبا إلا البرامج الإخبارية التي تهتم بصناعة رأي عام سياسي ونادرا ماتتطرق إلى جوانب أخرى تبقى أسيرة رؤية تلك الفضائيات والقائمة غالبا على ثنائية الإثارة والترفيه.

وإذا كانت الصحافة المقروؤة في أحيان كثيرة تنقد أو تفند ما تقوم به الإذاعة المرئية فهو من باب قيامها بدور أساسي نقدي يفترض بها أن تقوم به رغم أن انتماءهما هو لإعلام واحد، إلا أن الاختلاف يكمن في طبيعة وأهداف كل منهما، إذ إن الإذاعة المرئية تتخلى عن الكثير من وظائفها بسبب تحولها إلى سوق كبيرة تصدر بضاعة أكثر مما تعتمد على تصدير الفكر.‏

وهنا من الصعب التنبؤ بمن سيغلب، لأن الإذاعة المرئية اخترقت حياتنا الخاصة وأصبحت تتدخل حتى في تشكيل وعينا وأحلامنا ومخيلتنا عن المستقبل. بينما استمرت الصحافة المقروؤة بالإهتمام بالمادة الناقدة خاصة، لأنها ترى أن لها دورا كبيرا لابد وأن يتابع بشتى الأنواع الصحفية الإخبارية والنقدية.‏ وتبقى العلاقة بين المرئي والمكتوب تحتاج إلى تطوير يقوم به العاملون في المجالين من خلال علاقة وان بدت للوهلة الأولى تنافرية، إلا أنها في العمق تحتاج إلى عقل منفتح وروح متعاونة لايسعى إليها إلا الباحث عن احتمالات جديدة ومجددة لكلماته في برامجه التي يتلقاها الطرف الآخر في عملية الاتصال.

وحاولت فعاليات الدورة التاسعة لمنتدى الإعلام العربي 2010 في دبي، رصد بعض مظاهر التأثر والتأثير بين الفضائيات والمحليات الإذاعية المرئية. وحاولت معرفة إن كانت العلاقة تفاعلية أم تنافرية.

لأن لباقة الحوار، وفضيلة الإنصات كما أشار الباحث الإعلامي محمد النغميش الكاتب والمختص بالإدارة في صحيفة الشرق الأوسط في دراسة قام بها وطرحها ضمن فعاليات الدورة التاسعة لمنتدى الإعلام العربي 2010 في دبي، وأظهرت أن: "70% من العرب المشاركين في البرامج الحوارية في الإذاعة المرئية لا يتحلون بآداب الحوار، ويرددون كلمات لا تنم عن لباقة ويقاطعون محدثهم بطريقة تشتت أفكار المتحاورين وتربكهم في إشارة لوجود أزمة حوار وإنصات في العالم العربي. كما أن 57% من المتكلمين يتعرضون إلى مقاطعة حديثهم ويستمرون في الكلام دون توقف غير آبهين بمن يقاطعهم، وأنه حان الوقت لتسليط الضوء على آليات الحوار على الفضائيات، وهل تعد المقاطعة شرطاً أساسياً من شروط التقديم ؟ وأعتقد أن المقاطعة هي أداة يستخدمها المحاور ليدير دفة الحوار، والمقاطعة تأتي لعدد من الأسباب، منها: عدم التكافؤ بين المتحاورين، أو لإنقاذ الضيف، أو في حال خروجه عن الموضوع ولإعادته لمحور النقاش. وفي ظل هذا الوضع يجب علينا أن ندرب مقدمي البرامج على كيفية الحوار وإعادة النظر في آليات الحوار لنقل صورة ناصعة عن الإعلام العربي تعكس بدروها صورة إيجابية للمجتمع العربي".

بينما قال الإعلامي تركي الدخيل "نعم أقاطع، فالإعلام ليس بقالب واحد، وهناك قوالب إعلامية مختلفة، فعندما يتناول البرنامج طرحا واحدا يخرج عن إطار المحاورة وهنا يجب على المقدم التدخل، وإذا المحاور لم يستفد من الثغرات التي يتضمنها حديث الضيف، وسمح له بالإستطراد، فيكون قد فقد دفة السيطرة على الحوار. ويختلف اليوم أسلوب صياغة الحوار الإعلامي وتتراوح بين الهادئة والثورية، فإذا كان الضيف هادئاً أحاول أن أسخن الحوار وبالعكس. وفي عالمنا اليوم لم يعد هناك سلطة للإعلامي بأن يفرض ما يريده على المشاهد، وللمشاهد كامل الحق ويستطيع إختيار ما يريده من أنماط إعلامية".

بينما قال الإعلامي عمرو أديب أن "الضيف العربي صعب للغاية، ويتهرب من الإجابة على الأسئلة المطروحة، كما يغرق في سرد تفاصيل طويلة. وهنا دور الإعلامي في أن يحرص على أن تصل الإجابة للمشاهد. ويمكننا إعتبار المقدم بشكل عام كمؤدي بالإضافة إلى أن الإعلام يجب أن يقدم الترفيه للمشاهد ليستقطب إهتمامه، وهذا أسلوب إعلامي جديد لاستثارة مشاعر المشاهدين. وينبغي على الإعلامي أن يقوم بدور في إستجواب الضيف فهذا واجبه، ويجب أن نضغط على مصدر المعلومات ليحرص على إيصال المعلومات المطلوبة للمشاهد".

بينما تناول الإعلامي مارسيل غانم واقع المنافسة الشديدة التي تشهدها الفضائيات، وقال: "نحن نبحث عما يريده الجمهور، وتفرض علينا المنافسة الشديدة بين الفضائيات سواء على الصعيد العربي أو العالمي، بالإضافة للمنافسة الكبيرة التي تواجه البرامج الحوارية السياسية من قبل البرامج والقنوات الترفيهية المتخصصة. ولذا فإن من واجب أي مقدم برامج أن يبحث عن ما يريده الجمهور. وأن عنصر العرض في البرنامج الحواري مطلوب. ونحن نبحث عن ما يقربنا من الناس ولذا يجب أن يقدم البرنامج في قالب تجديدي عفوي".

واختلف مارسيل مع ما طرحه غانم محمد النغميش وقال: "نحن أمام تحد هام في كيفية إجتذاب الجمهور والحل في إيصال رسالتنا بأسلوب ذكي ومباشر. وأنا أخالف النغميش حين أورد أن 70% من العرب لا تجذبهم البرامج الصاخبة، فأكثر الحلقات التي تجتذب الجمهور هي تلك التي تثير الجدل، ولا نسمع الكثير من الأصداء عن برامج حوارية تشهد حوارات باهتة. فالجمهور يبحث عن المادة المسلية والممتعة".

وقال سام برنت مدير عام ورئيس عمليات مجموعة "ام بي سي": "نحن نعمل على بث محتوى اعلامي متميز يجذب الجمهور ويقدم لهم مادة اعلامية تجعلهم يواصلون متابعتهم لمحطاتنا التلفزيونية."

وقال يوسف مغربل رئيس روتانا ديجتل ميديا، في مجال تعقيبه على شراكة روتانا ديجتل ميديا مع شركة نيوز كورب الاعلامية الامريكية لفتح قناة إخبارية من الشرق الاوسط: "إن شراكتنا مع نيوز كورب هي انجاز كبير لنا وذلك لما يمكن ان تقدمه هذه الشركة للمنطقة من خلال حجمها ومواردها الضخمة المنتشرة في جميع أنحاء العالم."

وأثار سامي السيد عبد العزيز رئيس مجلس إدارة شركة "تي بي دبليو ايه رعد للدعاية والإعلان"، سؤالا مهما حول غاية إستثمارات شركات الاعلام العربية، وحول ما كانت هذه الشراكات ستعمل على الرقي بالمجتمع العربي أم لتعزيز حالة التشرذم الاعلامي الذي نعيشه، وأكد على أن حالة الإعلام العربي ليست بحاجة إلى إحضار نموذج اعلامي كشركة نيوز كورب التي يديرها روبرت مردوخ."

بينما أكد متحدثون آخرون على أن ثورة التغيير التي أحدثها التطور الهائل لتقنيات الاتصال ستطال كافة وسائل الإعلام الجماهيرية، ولن يبقى شكل المرسل أو المستقبل وبيئتهما على حالها، وستنشأ ثقافات وأنماط جديدة للاستهلاك الإعلامي، وربما ستختفي إمبراطوريات إعلامية لتظهر أخرى جديدة.

وعن الاتهامات بشأن الغرض الحقيقي من وراء وثيقة تنظيم البث والاستقبال الإذاعي عبر الفضاء، ومفوضية الإعلام العربي التي من المزمع إنشائها لتنظيم الحراك في الإعلام العربي، حاول المشاركون عن الجانب الحكومي، وعن الإعلام المستقل إلقاء تبعة حالة الكساد الإعلامي العربي وتهافت خطابه الإعلامي على الآخر.

وقال: ممثلو القنوات الفضائية المستقلة والصحفيون المستقلون أن الأنظمة العربية تتماهى مع القرارات الأمريكية المحرضة على الرقابة بحجة مكافحة القنوات التي تحض على الإرهاب والعنف والكراهية، بينما شدد ممثلي الجانب الحكومي على أن الهدف من الوثيقة والمفوضية هي ضمان الممارسة الحرة للإعلام وحرية الرأي في إطار من المرجعية الديمقراطية واحترام حق الآخر في التعبير.

وأكد عبد الله قصير مدير عام قناة المنار الفضائية، "أن الإعلام الخاص يواجه كثير من الهواجس والتهديدات، مشدداً في نفس الوقت على أن المصداقية هي رأس مال الإعلام الناجح، وانهيار المصداقية هي بداية الانهيار والفشل الإعلامي. وأن السجال بين الحاجة الماسة للإعلام وبين التهديدات الخارجية التي يتعرض لها الإعلام العربي بعد صدور قرار الكونجرس الأمريكي الذي صنف بعض القنوات العربية بأنها إرهابية وأنها تهدد مصالحه وأمنه القومي أو تدعو للعنف ضد الأمريكيين والإسرائيليين، في الوقت الذي يوجد فيه نقاش جاد داخل جامعة الدول العربية بضرورة وجود مفوضية للإعلام العربي، تقوم بدور الرقيب أو الضابط للإعلام. يظهر الواقع الذي يعيشه الإعلام العربي. مضيفاً أن الإعلام هو مرآة للواقع وبالتالي لابد أن يعكس كل تفاصيل الواقع. وأن الطفرة التكنولوجية أوجدت فجوة بين طفرة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية حيث يصل عدد الفضائيات العربية إلى حوالي 700 قناة مما جعل للإعلام العربي مكانة وقدرة على التأثير في الرأي العام العربي والخارجي، وبين عدم مواكبة التشريعات المحلية والإقليمية لهذا النمو، في نفس الوقت الذي شعر فيه الإعلام الغربي بأن الإعلام العربي كسر الاحتكار الذي كان متمركزاً على وكالات الأنباء الخمس المعروفة.

وقال خالد الناصري وزير الاتصال المغربي، أن عهد الرقابة مضى وانقضى مصطلحاً ومفهوماً، والعالم العربي في حاجة للبحث عن تنظير وتأطير جديدين، فالرقابة أصبحت مرفوضة على كل المستويات، مؤكداً أن موضوع وثيقة تنظيم البث والاستقبال الإذاعي عبر الفضاء التي وقعت في منتصف شباط/فبراير 2008 هي وثيقة استرشادية تتضمن ضوابط أخلاقية وسياسية ترقى بالأداء الإعلامي إلى مستوى متطور بمرجعية ديمقراطية وتحررية واضحة، وتضمن حماية الحق في الوصول إلى المعلومة، واحترام حرية التعبير، وتقر بمبدأ حرية استقبال البث واحترام الإنسان وخصوصية الأفراد والعديد من الأمور الأخرى التي تصب في نفس الاتجاه. وأن مفوضية الإعلام العربي، التي سوف يجتمع مجلس وزراء الإعلام العربي لمناقشتها الشهر المقبل (حزيران/يونيه)، تتعلق بالاستجابة لرؤية متكاملة لتقديس العمل الإعلامي العربي المشترك وجعله أكثر تأثيراً وتأتي في إطار سياسي يسمو إلى مستوى استراتيجي، حيث يوجد حوالي 700 قناة فضائية في العالم العربي بتأثير إعلامي باهت، مشدداً على أن المفوضية لم تأتِ استجابة لقرار الكونجرس الأمريكي فيما يتعلق بتصنيف بعض الفضائيات العربية.

وأبدى يوسف الإبراهيم، المستشار الإعلامي للمؤسسة القطرية للإعلام، اعتراضه على ما جاء على لسان الوزير المغربي، مستنكراً عدم قيام الدول العربية بأي موقف موحد تجاه القنوات الأجنبية والقنوات التي أنشأتها الدول الغربية لمخاطبة المتلقي العربي، مطالباً بأن تكون هناك ضوابط وتشريعات لمواجهة ما أسماه بالإعلام الوافد مثلما يحدث مع الإعلام العربي، مشيراً إلى أن المفوضية المزمع إنشاءها تستهدف تأخير الإعلام العربي 30 عاماً إلى الوراء حيث جاءت بالتزامن مع قرار الكونجرس الأمريكي. وتساءل عما إذا كانت المفوضية ستقوم باتخاذ إجراءات ومواقف أمام قنوات مثل الحرة والقنوات الغربية التي تسيء للعرب، من ضمن مجال سياسة المعاملة بالمثل، معرباً عن أمنيته أن يكون هناك موقف عربي مضاد لقرار الكونجرس الأمريكي.

أما ياسر عبد العظيم مدير الأمانة العامة لمجلس وزراء الإعلام العرب، بجامعة الدول العربية، فأكد أنه تم تحويل وثيقة تنظيم البث والاستقبال الإذاعي عبر الفضاء إلى وثيقة استرشادية، فيما تم تكليف الأمين العامة لجامعة الدول العربية بإجراء دراسة لإمكانية إنشاء مفوضية لتنظيم حرية التعبير، مؤكداً أن المفوضية ليست الوجه الأخر للوثيقة ولن تكون هناك أي رقابة للمفوضية لعملية البث الفضائي، ولكنها ستكون جهازا الغرض منه إحداث طفرة وتطور في منظومة العمل الإعلامي العربي، وتحديث منطلقات الخطاب الإعلامي العربي، وتعزيز واحترام المبادئ المهنية وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير واحترام الحق في التعبير عن الرأي.

أما محمد قيراط، عميد كلية الاتصال، بجامعة الشارقة، فأثار قضية وجود حوالي 112 قناة فضائية عربية تبث صوراً إباحية، كما تمنى أن تقوم النقابات الصحفية في مصر والجزائر بسحب البطاقة الصحفية لمدى الحياة من أي صحفي قام بسب أي من الشعبين أسوة لما قامت به جمعية صحفية مع إحدى الصحفيات التي اخترعت قصة صحفية وفازت بجائزة. واعتبر أن قرار الكونجرس الأمريكي يمثل إهانة ومحاولة فاشلة مثل ما سبقها من محاولات من وراء إطلاق قناة الحرة وغيرها من القنوات التي تحظى بنسبة مشاهدة محدودة، معتبراً أن هناك حوالي ما بين الـ10 والـ20 قناة فضائية لديها مسوؤلية اجتماعية في ظل غياب شبه كامل لهذا المفهوم عن باقي القنوات ووسائل الإعلام العربية.

ولم تغفل فعاليات الدورة التاسعة لمنتدى الاعلام العربي مناقشة موضوع "الإعلام بلغة الآخر" وأتخذت من قناة الجزيرة إنترناشيونال نموذجاً، وهي التجربة العربية في مجال مخاطبة الرأي العام الغربي بلغته، والتي باتت مطلباً حاضراً في كل المؤتمرات الرسمية والمنتديات الأهلية الإعلامية العربية على مدار العشر سنوات الأخيرة. في ظل تنامي حرص العديد من الدول الغربية والشرقية توجيه خطابها للرأي العام العربي باللغة العربية، بينما ظل الخطاب الإعلامي العربي غائباً بكل اللغات العالمية إلى أن أطلقت الجزيرة قبل ثلاث سنوات ونيف فضائية عالمية باللغة الإنجليزية.

وقال صالح نجم مدير عام تحرير الأخبار في قناة الجزيرة انترناشيونال: "إن نجاح الجزيرة انترناشيونال يكمن في دقتها وسرعة تغطيتها للأحداث من حول العالم." وأن الجدل يكمن بين الجمهور حول رؤية ورسالة الجزيرة انترناشيونال حول ما إذا كانت تهدف للتغلغل في المجتمع الامريكي كصوت للشعوب العربية أم أنها تعمل على التغطية الواقعية للأخبار التي تعنى بجمهورها بمختلف إنتماءاتهم وأينما وجدوا، الأمر الذي سيضمن تعزيز الشعبية التي اكتسبتها القناة بعكس القنوات الأخرى ذات الاجندات الخاصة".

وعبر جورن دي كوك الصحافي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة دي ستاندرد، عن سعادته بالأداء المهني لقناة الجزيرة انترناشيونال بينما أشار في نفس الوقت إلى أن استمرار القناة في الاستعانة برموز الاعلام الغربي في تغطيتها لأخبار المنطقة لن يساعد في توفير منحى مختلف للأخبار لدى الجمهور الإعلامي في الغرب.

وأشار عادل اسكندر أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة جورج تاون إلى نجاح قناة الجزيرة بقوله: "مجرد الكلام عن قناة الجزيرة اليوم هو نجاح للقناة، ومجرد تدفق الاخبار من الشرق إلى الغرب هو انجاز كبير يجب ان نقر به. وان اللغة الانجليزية اصبحت لغة عالمية بجدارة، ووجود قناة اخبار عربية الاصل تتحدث تلك اللغة وتبث رسالتها في جميع انحاء العالم هو امر في غاية الأهمية."

وشكك جيمس زغبي رئيس المعهد العربي الأمريكي بواشنطن، في مدى فاعلية الجزيرة انترناشيونال وتأثيرها على الجمهور الامريكي، واعتبرها كأي شبكة أخبار أخرى تعمل في الولايات المتحدة. وأشار أيضاً على أن العرب في الغرب لم يتخذوا بعد من الجزيرة انترناشيونال مصدرا عاما للأخبار.

وأكد جو كوناسن كاتب ومراسل بصحيفة نيويورك اوبزيرفر: أنه "وعلى الرغم من أن الدبلوماسية الأمريكية تعتبر الجزيرة انترناشيونال مصدرا مهما يجب متابعته الا أن عامة الشعب لا تولي لها نفس الاهتمام، حيث يعتبرونها الصوت الذي يمثل الرأي العام العربي".

وبقيت التساؤلات حول الجمهور الذي تخاطبه قناة الجزيرة انترناشيونال في جميع أنحاء العالم، ومدى نجاحها في الوصول إليه، وما إذا كانت تجربتها تعتبر مشجعة على إطلاق فضائيات بلغات أخرى لمخاطبة بقية شعوب العالم دون جواب لغياب دراسات التحقق من الانتشار، ودراسات التأثير الفعلي للقناة في جميع أنحاء العالم، والدراسات المقارنة لنشاطات قناة الجزيرة انترناشيونال وغيرها من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية وخاصة القنوات الفضائية. ورغم نقص الدراسات التي تتناول الإعلام العربي لم يغفل المنتدى الإعلام العربي في دورته التاسعة التجربة الآسيوية وأهمية استخلاص الدورس والعبر منها والاستفادة من إيجابياتها وتجنب سلبياتها للارتقاء بالمشهد الإعلامي العربي.

وأشار الدكتور طيب كمالي مدير مجمع كليات التقنية العليا في الإمارات، إلى أن أهمية الموضوع تنطلق من عدة حقائق أهمها الشكل الجديد للنظام الاقتصادي العالمي الآخذ بالتشكل، ففي عام 2025 ستبلغ حصة الهند من إجمالي الناتج القومي العالمي إلى 13% محتلة بذلك المركز الثالث عالمياً، في حين ستدخل الصين في منافسة مع أمريكا وأوروبا على المركز الأول. ونظراً للأهمية التي يمثلهما اقتصاد هذين البلدين، أطلق عليه ما أصبح يعرف بـ (تشينديا) أي اقتصاد الصين والهند.

وتناول أندرو مالكولم عضو مجلس التحرير في صحيفة "لوس أنجلوس تايمز، بمقارنة خلص من خلالها أن وسائل الإعلام الأمريكية والآسيوية، إلى أن الأولى توجه اهتمامها الأكبر نحو الوضع الداخلي أكثر من المناطق الأخرى في العالم، في حين شهدت وسائل الإعلام الآسيوية انفتاحاً غير مسبوق نحو العالم خصوصا بعد تحرر اقتصادها.

أما جوناثان فينبي مدير الشؤون الصينية في مركز "ترستد سورسز" في المملكة المتحدة، فتطرق إلى خصوصية وسائل الإعلام الصينية وقال: "عند التحدث حول الصين نرى أن هناك الكثير من الأفكار المسبقة حول هذا البلد، وكثير من الأشخاص يحاولون النظر إليها من وجهة نظر "أجنبية" بحتة، في الوقت الذي تعمل فيه على تطوير إعلامها من وجهة نظرها ومتطلباتها الخاصة. وقد بدأ صعود نجم الصين بعد تغير الظروف الاقتصادية والسياسية في عام 1970، فبدأنا نشارك العالم اهتماماته، وبدون شك فإن الأرقام التي ستنعكس على القطاع الإعلامي ستكون أكثر تفاؤلاً خاصة مع خروج الملايين من الأشخاص من فجوة الفقر إلى الطبقة المتوسطة".

أما ديليب شيريان الشريك المؤسس لـ "بيرفكت ريليشنز"، فتناول بدوره الوضع السائد في القطاع الإعلامي الهندي وقال: "تتعلق قصة نمو وسائل الإعلام الهندية بتنوع الثقافات والمجتمعات في هذا البلد الديمقراطي، فهناك ما يزيد عن 74 ألف جريدة وصحيفة حسب الأرقام الحكومية، والمجتمع الهندي مجتمع محاور بطبعه، ويهتم بتبادل الآراء والأفكار لذلك نرى هذا الاهتمام الكبير بوسائل الإعلام المرئية والسمعية والمقروءة فضلاً عن تكلفة وسائل الإعلام الهندية غير المرتفعة".

أما عبد الله المدني، الباحث والمحاضر الأكاديمي في الشؤون الآسيوية، فشرح صعوبة تكوين فكرة تشمل الوضع الإعلامي في كافة الدول الآسيوية وقال: "عندما نتحدث عن الإعلام الآسيوي فإننا نتحدث عن قارة ممتدة على مساحة شاسعة، ودول تنتمي إلى مجموعات مختلفة، ومستويات نمو وتعليم متفاوتة الأمر الذي يجعل تكوين صورة عامة حول القطاع الإعلامي الآسيوي من الأمور الصعبة. وهناك العديد من العوامل المتعددة التي أدت إلى نمو القطاع الإعلامي في آسيا من أهمها حجم السكان الكبير، والنمو الإقتصادي لهذه الدول الأمر الذي أدى إلى توسع الطبقة المتوسطة، والاهتمام الكبير بتعليم عشرات الملايين، وضخ كميات كبيرة من الأموال في وسائل الإعلام، فضلاً عن السياسات الخاصة ببعض الدول الرامية إلى استقطاب عمالقة وسائل الإعلام العالمية للاستثمار في المؤسسات الإعلامية المحلية".

وبدوره سلط ناراسيمهان رام، الناشر ورئيس تحرير صحيفة الهندو رام، الضوء على المحركات الأساسية لوسائل الإعلام الآسيوية بما في ذلك توظيفها للوسائل التقنية المتطورة، ومستويات التعليم المتقدمة، وتحسن القدرات الشرائية عند شعوب هذه الدول. وذكر التيارات السلبية التي تعاني منها هذه الوسائل لا سيما في الهند والتي يمكن اختصارها بطابعها التجاري، واهتمامها بالربحية، واحتدام حدة المنافسة التي وصلت إلى مرحلة حروب الأسعار، والفساد، خاصة بما يتعلق بالأخبار التي يدفع مقابلها كما حدث في الحملات الانتخابية التي جرت مؤخراً.

في الوقت الذي تستمر فيه حرب الاستقطاب غير المعلنة بين قناتي الجزيرة والعربية، يعمل الامير الوليد بن طلال في صمت لاطلاق قناته الاخبارية، التي يقول مراقبون انها ستكون المنافس الرئيسي والاشرس للجزيرة والعربية في آن معا. وتحدثت مصادر مقربة من رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية السابق جمال خاشقجي ان الامير الوليد عرض عليه، تولي إدارة القناة الاخبارية التي ينوي إطلاقها قريبا. وأكدت المصادر، أن الأمير الوليد اتصل بخاشقجي بعد إعلان خبر استقالته رسميا ليبلغه شخصيا بالعرض.

ووفقا للمصادر، بدا أن دخول الوليد على الخط سريعا ربما قطع الطريق على عودة خاشقجي الى منصبه إلا في حال صدور قرار من 'الجهات الرسمية العليا بعودته والتي ستكون في هذه الحالة بمثابة رد الاعتبار لخاشقجي من جهة، ومن جهة أخرى ستكون هذه العودة بمثابة رسالة دعم من الجهات العليا لخاشقجي وغيره من المدافعين عن الخط الليبرالي في مواجهة التيار المتشدد في الاعلام السعودي. وأكد خاشقجي لمقربين منه أنه رغم كل العروض التي تلقاها، فإنه في حال صدور قرار بعودته الى منصبه السابق كرئيس تحرير لصحيفة الوطن فإنه سيفضل العودة إلى بيته أي الوطن. وذكرت مصادر مقربة من الامير الوليد ان هناك مرشحين اخرين من اكثر من جنسية عربية، ومن بينهم احد مقدمي البرامج في قناة لبنانية. ومن ابرز الوجوه التي قد تعمل في المحطة الاعلامية المصرية الدكتورة هالة سرحان.

وكان الوليد قد كشف نهاية الشهر الماضي عن نيته إطلاق قناة تلفزيونية إخبارية تنافس قناتي العربية والجزيرة وسيشرف عليها شخصياً، كما يعتزم طرح شركة روتانا الإعلامية التي يمتلكها للاكتتاب خلال السنتين القادمتين بعد ترويج العلامة التجارية لها بشكل جيد.

وقال الوليد في مقابلة تلفزيونية مع قناة بلومبيرج الأمريكية إن القناة الجديدة ستكون مستقلة ولن تكون مملوكة لشركة المملكة القابضة التي يمتلك معظم أسهمها أو حتى مملوكة لروتانا. وأضاف أنه ينوي الإشراف بنفسه على القناة في البداية لأنها ستتطلب استثمارات ضخمة وأنها سوف تكون مبنية على نفس النموذج الإخباري لقناتي فوكس وسكاي نيوز الإخباريتين اللتين يمتلكهما رجل الأعمال الأمريكي روبرت مردوخ الذي سبق أن اشترى في شباط/فبراير الماضي حصة قدرها 9.1% من أسهم روتانا مقابل 70 مليون دولار.

وفيما يتعلق بروتانا قال الأمير الوليد إنه سيطرح جزءا من شركة روتانا لاكتتاب أولي، خلال عامين من الآن نظراً لأنه يحتاج إلى تسويق العلامة التجارية للشركة وترسيخها بشكل جيد. وكان الوليد قد أعلن في شباط/فبراير الماضي أنه سيعين مستشاراً للاكتتاب خلال شهرين. وقدر الأمير الوليد حينها قيمة شركة روتانا السوقية بما يعادل 1.2 مليار دولار، مما يجعلها من أهم الشركات الإعلامية في المنطقة العربية، وهذا ما دعا شركة نيوز كورب المملوكة لمردوخ إلى شراء حصة فيها. وقد اثارت الانباء عن الفضائية الجديدة اهتمام العديد من العاملين في القنوات العربية في مصر ولبنان والدوحة ودبي، حيث بدأ عدد من هؤلاء يستفسر عن مكان وزمان انطلاق هذه المحطة في اشارة الى رغبة البعض منهم الالتحاق بها خاصة اذا كانت ظروف العمل مغرية وفي عاصمة مثل لندن. وأشارت صحيفة القدس العربي إلى ان العديد من هؤلاء كانوا يأملون الانضمام الى قناة بي بي سي العربية قد وصلوا الى لندن واجروا مقابلات مع ادارتها ولكنهم رفضوا العروض التي قدمتها الادارة لهم بسبب ضعف الرواتب والامتيازات، رغم مغريات الاقامة في بريطانيا والحصول على جنسيتها.

وهكذا نرى كيف تخلق وتضاف قناة عربية أخرى تبث برامجها باللغة العربية من خارج الوطن العربي الكبير، ولتبقى قناة الجزيرة إنترناشيونال القناة الوحيدة التي تتوجه للساحة الإعلامية الناطقة باللغة الإنكليزية لمواجهة التقصير الإعلامي العربي والذي قال عنه مأمون أبو طوق البروفيسور الأميركي من أصل سوري "أنا أتابع الزوايا الصحفية في الصحف العربية في تناولها للسياسة الأميركية المتحيزة لإسرائيل والضاربة عرض الحائط بالقضايا والمصالح العربية، يا أخي هذا الخطاب لا يكفي لو تابعتم الدوريات الثقافية والأدبية الأميركية وحاورتم المجتمع الأميركي من خلالها لكان ذلك أجدى من توجيه الحوار إلى ساسة الإدارة الأميركية الذين هم بمعظمهم أدوات تحركها الصهيونية.‏ والأدب الأميركي في معظمه أدب إنساني وثمة عدد من الكتاب والنقاد وإن كان قليلاً يكتبون دفاعا عن القضايا العربية وعن آلام غزة والشعب الفلسطيني، ويقارنون الصهيونية دائما بالنازية وعلى رأسهم اليهودي تشومسكي عالم اللسانيات الذي زار غزة مؤخراً ! ثم إن نشاط اللوبي العربي في الأميركيتين ضعيف جداً وتواصله مع الوطن العربي والجامعة العربية ضعيف جدا.‏ وعلى سبيل المثال الصهيونية ممثلة باللوبي الصهيوني تعرض مباشرة كل عدوان إسرائيل على غزة على أنه عدوان من غزة على إسرائيل وتعتمد على تزوير الوقائع والصور والبيت الفلسطيني المقصوف على الأم والأب والأولاد تصوره وتقدمه على أنه بيت إسرائيلي وعلى سبيل (شر البلية ما يضحك) الصهاينة في الولايات المتحدة فتحوا مطاعم تقدم الطعام الشعبي الفلسطيني على أنه طعام توراتي تراثي ولديها محال أزياء شعبية فلسطينية تقدمها للجنسين على أنها أزياء تراثية يهودية وتوزع مجانا في الصيف بلوزات للأجيال الجديدة عليها النجمة السداسية أما أنتم أهلنا في الوطن العربي فتكتفون بالزوايا الصحفية حول السياسة الأميركية".‏

وهو ما يؤكد أن استمرار قناة الجزيرة انترناشيونال في الاستعانة برموز الاعلام الغربي في تغطيتها لأخبار المنطقة لن يساعد في توفير منحى مختلف للأخبار لدى الجمهور الإعلامي في الغرب، حسب رأي جورن دي كوك الصحافي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في صحيفة دي ستاندرد. وأن ما نحتاجه فعلاً ليس تحقيق الارتقاء بمستوى الإنتاج الفني إلى المستوى العالمي، ودراسة السبل الكفيلة بتحويل الدراما إلى صناعة دائمة التطور، والإسهام في إحياء التراث العربي الأدبي والعلمي والفني، وتوظيفه لتحقيق الإنتاج الفني الذي يخدم القضايا الوطنية والقومية والإنسانية. بل الارتقاء بمستوى الخطاب الإعلامي ليصل إلى أكبر ساحة إعلامية دولية ينقل إليها وبصدق حقيقة ما تعاني منه الشعوب العربية، ويخاطب المجتمعات المؤثرة على سياسات بلادها باللغات التي تفهمها لقطع الطريق على الإعلام المضاد والمعادي للمصالح العربية.

طشقند في 17/6/2010.

المراجع:

1. احمد المصري: اعلاميون رفضوا عروض بي بي سي العربي لضعف الرواتب وينتظرون انطلاقها الوليد بن طلال سيشرف شخصيا على محطته الاخبارية والخاشقجي من المرشحين لادارتها. // لندن ـ صحيفة القدس العربي، 20/5/2010.

2. أنور القاسم: تعيين ريم سليمان حداد مديرة للتلفزيون السوري. // لندن ـ صحيفة القدس العربي، 20/5/2010.

3. خبراء يؤكدون على أهمية استخلاص الدروس من التجربة الإعلامية الآسيوية. // دبي: منتدى الإعلام العربي 2010، الاربعاء, 12/5/2010.

4. سعاد زاهر: الصحافة والتلفزيون...هل تتمكن من ضبطه؟. // دمشق: صحيفة الثورة 16/5/2010.

5. عماد جنيدي: لماذا لانتوجه إلى الأدباء الأميركيين؟! // دمشق: صحيفة الثورة، 17/6/2010.

6. غسان يوسف: الإعلام : كهرباء اجتماعية !. // دمشق: صحيفة الثورة 16/5/2010.

7. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي وعملية اتخاذ قرارات السياسة الخارجية. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_3552.html

8. أ.د. محمد البخاري: العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_1591.html

9. أ.د. محمد البخاري: العلاقات الدولية المعاصرة والتبادل الإعلامي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/03/blog-post_8891.html

10. أ.د. محمد البخاري: العولمة وقضايا الأمن الإعلامي الوطني في إطار التبادل الإعلامي الدولي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/03/blog-post_6617.html

11. أ.د. محمد البخاري: أهمية البحث العلمي لتطوير الأداء الإعلامي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_877.html

12. أ.د. محمد البخاري: العولمة الإعلامية تعني الانتقال النوعي من تقديم الخدمات الإعلامية إلى المجتمع المعلوماتي المنفتح عالمياً. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_6885.html

13. أ.د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الدولي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_5478.html

14. أ.د. محمد البخاري: تحديات العولمة والمجتمع المعلوماتي في الوطن العربي والدول النامية. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_25.html

15. أ.د. محمد البخاري: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_21.html

16. أ.د. محمد البخاري: تحديات العولمة وتكامل الإعلام العربي مع المجتمع المعلوماتي المنفتح عالمياً. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_27.html

17. أ.د. محمد البخاري: العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_1591.html

18. أ.د. محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_4582.html

19. أ.د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في عصر العولمة المعلوماتية. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_6432.html

20. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_31.html

21. أ.د. محمد البخاري: وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أدوات فاعلة للنظم السياسية. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/02/blog-post_4346.html

22. أ.د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/02/blog-post_02.html

23. أ.د. محمد البخاري: الدور الجديد للإعلام العربي المرئي والمسموع. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/02/blog-post_17.html

24. أ.د. محمد البخاري: تأثير الانترنيت على تطور المجتمعات. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/02/blog-post_27.html

25. أ.د. محمد البخاري: الإعلام وتحليل المضمون الإعلامي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/03/blog-post_7864.html

26. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي من وجهة نظر الأمن القومي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/03/blog-post_08.html

27. أ.د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/03/blog-post_6131.html

28. أ.د. محمد البخاري: خصائص التبادل الإعلامي الدولي. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/03/blog-post_11.html

29. أ.د. محمد البخاري: الأمن المعلوماتي في الظروف المعاصرة. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/03/blog-post_21.html

30. أ.د. محمد البخاري: الإعلام والمجتمع في عصر العولمة. الرابط الإلكتروني: http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/06/1-6.html

31. الأستاذ الدكتور محمد البخاري: وصفة مواجهة التحدي الإعلامي جاهزة.. ولكن من يأخذ بها؟! الرياض: مجلة الدعوة العدد : 2203 الخميس 02 شعبان 1430.

32. المشاركون في جلسة "الفضاء الرياضي .... ضغوط العولمة والاقتصاد" يؤكدون على تفعيل دور اتحاد الإذاعات العربية في تنسيق حقوق شراء وبث الأحداث الرياضية الكبرى. // دبي: منتدى الإعلام العربي 2010، الخميس, 13/5/2010.

33. منتدى الإعلام العربي يسلط الضوء على الأنماط والأشكال الجديدة للإعلام. // دبي: منتدى الإعلام العربي 2010، الخميس, 13/5/2010.

34. منتدى الاعلام العربي يخصص جلسة خاصة حول التجربة العربية في مخاطبة الرأي العام الغربي بلغته. // دبي: منتدى الإعلام العربي 2010، الاربعاء, 12/5/2010.

35. الندوة الحوارية بعنوان " لا تُقاطعني!.... لباقة الحوار وفضيلة الإنصات" تركز على شكل وآليات الحوار في البرامج الحوارية التي تبثها الفضائيات العربية. // دبي: منتدى الإعلام العربي 2010، الخميس, 13/5/2010.

36. وثيقة البث الفضائي ومفوضية الإعلام العربي تتعرضان لنقد شديد من الإعلاميين المستقلين والحضور. // دبي: منتدى الإعلام العربي 2010، الاربعاء, 12/5/2010.

[1] أ.د. محمد البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة، كلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق