الثلاثاء، 16 أبريل 2013

عمليات الفبركة لم تعد تنطلي


طشقند 16/4/2013 أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري:

تحت عنوان "عمليات الفبركة لم تعد تنطلي" نشرت صحيفة الوطن العمانية في زاوية رأي الوطن في غددها الصادر يوم 16/4/2013 التعليق التالي:




منذ بدء الأزمة السورية وإلى اليوم لم تنفك القوى المتدخلة في الشأن الداخلي السوري عن البحث عن الذرائع والمسوغات التي تسمح بتكرار السيناريو الليبي ضد سوريا، حيث عمليات الفبركة والاختلاق لم تنقطع عن مسار الأحداث، وذلك من أجل إيجاد ظروف مواتية تفضي تطوراتها الدراماتيكية إلى تدخل عسكري أجنبي مباشر. وطالما أن كل محاولات الاختلاق هذه تسير نحو الهدف المحدد وهو تدمير سوريا فإن مما لا شك فيه أن جبال الكذب وتلاله سترتفع لتلامس عنان السماء وتعانق السحاب بحيث تحجب كل الأضواء عن المنطقة حتى لا تتمكن شعوبها من رؤية أي حقيقة غير ما يختلقه المرجفون في الأرض من أكاذيب، على أن يقوم الإعلام العميل والموالي للمرجفين الساعين إلى سلخ الحبة السورية من العقد العربي بداية بتكثيف دوره في تمرير الكذب بصورة متواصلة وذلك بهدف تغييب الوعي وغسل الأدمغة على النحو الذي رأيناه حول العراق، حيث سبق التمهيد الإعلامي قيام الأنجلو ـ أميركي بتدمير بلاد الرافدين ونهب ثرواتها.


ولعل ما نشرته صحيفة التايمز البريطانية السبت الماضي من مزاعم أخذ عينة من التراب من منطقة قريبة من دمشق ووصولها بشكل سري إلى بريطانيا قالت الصحيفة إنها "حملت التأكيد أن نوعًا من الأسلحة الكيميائية" قد استعمل، من دون تحديد الجهة المستخدمة له، يذكرنا بتلك الأكاذيب التي ساقها توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الأسبق بأن العراق قادر على استهداف أوروبا بأسلحة دمار شامل في غضون خمس وأربعين دقيقة. ولكن على الجانب الأميركي هل سنكون على موعد مع كولن باول جديد يسرد وثائق الكذب والفبركة في مجلس الأمن لانتزاع قرار استكمال عملية تدمير سوريا ومن ثم تقسيمها مثلما حدث ضد العراق ؟


إن دمشق تحسبت ولا تزال تتحسب لهذا المدخل الجديد الذي يراد عبره جرها إلى النهاية ولسان حالها يقول: من لم يتعلم من دروس الماضي وعِبَر الزمان وعظاته، فهو إما جاهل أو غبي، ويحكم على نفسه بالانتحار. وقد أدركت دمشق وهي تستحضر لجان التفتيش الدولية في العراق (الأنموفيك) أن الأمم المتحدة تريد تكرار لعبتها القذرة في العراق، من خلال تمييع وظيفة اللجنة وهي التحقق من استخدام المعارضة السورية المسلحة سلاحًا كيماويًّا في بلدة خان العسل، وتبديل هذه الوظيفة المحددة لتشمل كامل التراب السوري؛ تريد أن يقوم الجواسيس الذين يتدثرون بثوب "الخبرة" في الأسلحة الكيماوية بزرع الكاميرات ورصد الإحداثيات للمواقع السورية الحساسة، مثلما فعلوا في العراق ليسهل من بعد استهدافها بالصواريخ، ولذلك أعلنت الحكومة السورية رفضها المطلق لاستقبال بعثة "محققي" الأمم المتحدة، معتبرة أن دخول هؤلاء "المحققين" إلى دمشق يمثل انتهاكًا لسيادة سوريا، مؤكدة أنها لا يمكن أن تقبل بهذه المناورات حتى لا تكون ضحية ثانية للأمم المتحدة على غرار ما حدث في العراق. وبذلك تثبت الأمم المتحدة مجددًا أنها جزء من مآسي الشعوب، وليست جزءًا من عملية القضاء على هذه المآسي أو التخفيف منها، وذلك برضوخها لقوى التدمير والخراب والحروب في العالم.


السؤال الذي يطرح ذاته: هل الوضع العالمي في ظل ما يحاك ضد سوريا، هو ذاته الذي كان قبل تدمير العراق؟ بالطبع الوضع مختلف فهو لم يعد أحادي القطبية، وأن العالم يشهد تعددية قطبية تقودها مجموعة البريكس التي ترفض الممارسات الأحادية للقطب الأميركي، حيث تحاول إيجاد التوازن الذي يفتقده العالم والذي يمثل ضمانة للاستقرار. ونحن نعتقد أن عصر العربدة والبلطجة ضد الشعوب قد ولَّى إلى غير رجعة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق