الأحد، 22 ديسمبر 2013

زهرة في قلب أوروبا


تحت عنوان "زهرة في قلب أوروبا" نشرت صحيفة "برافدا فاستوكا" يوم 25/10/2013 مقالة كتبها راميل أنواروف، كتب فيها: نشأت في أعماق ولاية سمرقند، وبعدها غزت العاصمة، والآن تسعد بألوانها اللامعة واحدة من أضخم مدن العالم. التي التقت مع فتاة باسم زهرة رائعة بنفشه قلانداروفا.



من وقع على "الحافة"
كانت بنفشه قلانداروفا واحدة من خمسة "أزهار الحياة" عند المربين في المدارس، أمها تمارس التدريس في الصفوف الإبتدائية، وأبوها نائباً للمدير ويمارس تدريس لغة غوتيه. ومنهما أخذت صفات حسنة مثل: الأمانة، والتحمل، والضمير، وبفضل محيطها الريفي تعلمت منذ سنواتها الأولى القيام بكل الأعمال المنزلية، وكانت تساعد والديها بالعمل في قطعة الأرض الزراعية التابعة للبيت. وطبعاً هذا لم يؤثر على دراستها، وكان مستوى التعليم في مدرستها الريفية العادية عالياً. وكانت بنفشه نشيطة وحصلت على العلامات التامة في دروسها، وكانت تفوز دائماً بالمسابقات المدرسية في اللغة الأوزبكية وآدبها على مستوى المنطقة والولاية. وما حصلت عليه من معارف آنذاك علمها كيف تتخطى كل الصعوبات وكيف تسعى دائماً للوصول إلى الأهداف التي وضعتها لنفسها.
والميول للقلم كان عائلياً أيضاً. فوالدها مهتم بالأدب، ويؤلف الشعر، وكانت تجري في البيت وبأجواء إبداعية دائماً لقاءآت شعرية.
وتذكرت الفتاة برسالة نشرتها في الإنترنيت، بأنها نشرت بعض اشعارها في صحيفة المنطقة "باختاتشي"، وفي كل مرة كانت تشاهد اسمها على صفحات الصحيفة كانت تشعر بمشاعر غير معتادة، ولكنها كانت أحاسيس سعادة، لا أنساها أبداً. وهذا أعطاني الأمل. وفي الصفوف الثانوية ترأست صحيفة الحائط المدرسية الشهرية "ناشتار" (الطرف)، التي تناولنا فيها كوميدياً المشاكل وعدم الكفاية. ووفي النهاية ساعدتني واحدة من الأحداث على تحديد خياري. ففي ختام مسابقة معارف الأطفال، بطريقة مصطنعة ساوت لجنة التحكيم بين الدرجات التي حصل عليها الفريقين المتباريين، ولو أن أحد الفريقين كان من الواضح أنه غير مؤهل. ووصفت الوضع غير العادل بمقالتي التي نشرتها صحيفة "باختاتشي"، وجرى الإهتمام بالوضع غير العادل. وعندها أيقنت بقوة وفاعلية الصحافة. وقال لي رئيس تحرير صحيفة "باختاتشي" أني أملك مقدرات خاصة، ونصحني بتقديم وثائقي للدراسة بكلية الصحافة. وهو ما فكر به والدي أيضاً.
وهكذا التحقت بنفشه قلانداروفا بالدراسة في الجامعة القومية الأوزبكستانية ضمن المجموعة المتخصصة بالصحافة الدولية، وحينها التحق بهذه المجموعة من حصل على أعلى الدرجات في امتحانات القبول. وقالت أن التنافس الشديد بين الطلاب شجعني على تطوير معارفي والحصول على الجديد منها، ووصلت إلى مستويات عالية جديدة. ووسعت مفاهيمي حول المهنة وساعدتني مشاركتي الدائمة في الندوات، والمؤتمرات، التي جرت في أوزبكستان وخارجها، وطبعاً التدريب العملي الذي اتبعته في إدارات التحرير الصحفية منذ السنوات الدراسية الأولى للدراسة الجامعية. وبدأت من قسم الترجمة في وكالة الأنباء القومية الأوزبكستانية، والتدريب في القناة التلفزيونية "يوشلار"، ومحطات التلفزيون في نوائي، وجيزاخ، وأنغرين، وبعدها عملت في نادي تلفزيون الشباب "بنيودكار"، حيث سعيت لإعطاء معارفي لزملائي المبتدئين. وسعت لتجرب نفسها في كل مجالات الميديا.
وبعدها شغلت بنفشه منصب السكرتير الصحفي في المجلس المركزي بالمنظمة الإجتماعية للشباب "كامولوت"، وبعدها عملت مراسل صحفي لمشروع اليونسكو "Silk Road". وأثناء دراستها بمرحلة الماجستير اهتمت بمسائل حقوق التأليف، وكتبت أطروحة حول مشاكل حقوق التأليف بوسائل الإعلام الجماهيرية ولبعض الوقت عملت كسكرتير صحفي في وكالة حقوق التأليف بجمهورية أوزبكستان.
إبحثوا في الشبكات الإلكترونية
وخلال السنوات الأخيرة أخذت تتابع باهتمام تطور صحافة الأونلاين وكانت واحدة من أوائل أساتذة القلم الأوزبكستانيين الذين أسسوا صفحتهم المهنية www.binafsha.uz، واقتسمت خبرتها مع زملائها الشباب. وفي عام 2010 فازت هذه الصفحة في مهرجان الإنترنيت للدومين القومي UZ وحصلت على لقب "أفضل صفحة إنترنيت أو فيب بلوغ، من إعداد النساء". ومما ساعدها على رفع كفاءتها المهنية في هذا المجال الدورات التدريبية التي اتبعتها في: روسيا، والنمسا، وألمانيا. التي زارتها في الآونة الآخير أكثر من مرة. وأرادت بنفشه التعرف أكثر على وسائل الإعلام الجماهيرية عن قرب في هذه البلدان. وفي عام 2010 أيضاً كانت الأولى في الجمهورية التي حصلت على إمكانية المشاركة في برنامج البحث السنوي "European Journalists Fellowships" في جامعة برلين الحرة، وهي واحدة من أكبر مؤسسات التعليم العالي الألمانية البارزة وتدخل في عداد أفضل مئة جامعة في العالم.
وفي إطار البرنامج درست الآفاق الإجتماعية، والإقتصادية، والحقوقية، للصحافة الإلكترونية. والنجاحات الأولى زادت ثقتها بنفسها وفتحت لها إمكانيات جديدة. وتعرفت على الكثير من الأساتذة (بروفيسور) الألمان، ودعاها أحدهم لإعداد الدكتوراة. ومن عام 2011 بدأت بكتابة أطروحة عن دور الإنترنيت في الاتصال السياسي بمعهد النشر والاتصال التابع للجامعة. وكتبت بنفشه قلانداروفا في رسالتها الإلكترونية: وعملي العلمي حصل على دعم ومنحة دكتوراه من صندوق هانس زايديل. وفي وطني لا حظت أن العلاقات العامة تتطور بشكل جيد في مجالات: الإقتصاد، ولكن في المجالات الإجتماعية هناك ما يمكن السعي إليه. وتقريباً كل وزارة، ومنشأة حكومية، تملك صفحتها الإلكترونية، وحتى بعضها يقدم خدمات أونلاين للمواطنين. ولكن الاتصال بين الأحزاب والمجتمع على سبيل المثال فمن الضروري استخدام إمكانيات الشبكة العالمية بشكل أوسع. وفي هذا الخط أحدثت في ألمانيا تطبيقات عملية جيدة جداً، فلدى كل نواب البرلمان صفحاتهم الإلكترونية، ويستخدمون بنشاط الشبكات الإجتماعية. وأريد أن تستخدم نتائج أبحاثي في هذه المجال مستقبلاً لتطوير الاتصال السياسي الوطني.
وكما أن برلين مركزاً للسياسة ووسائل الإعلام الجماهيرية، فلدينا إمكانيات لندرس عند أبرز المتخصصين في هذا المجال. وكما هي الحال في غيرها من مؤسسات التعليم العالي الألمانية، التعليم مجاني. وفي النظام المحلي يعجبني أكثر أن الدارسين يتمتعون بحرية أكبر لاختيار المواد التي تهمهم. وفي كل تخصص هناك عدة مواد إجبارية، بالإضافة لذلك الطالب يحدد أية مواد يرغب حضورها. وعلى سبيل المثال: في دراسة الصحافة، يمكن بتعمق دراسة العلوم السياسية أو تكنولوجيا المعلوماتية وأن تصبح متخصصاً في مجال ضيق.
اثنين مع الكمبيوتر المحمول
ومعروف أن تكنولوجيا المعلوماتية تستخدم بشكل واسع. وفي الجامعة الوصول غير المحدود للإنترنيت عالي السرعة موفر للجميع. وتعمل المكتبات في نظام الإلكتروني، وعبرها يمكن البحث عن الكتب وطلبها، والكثيرون يقرأونها عبر الإنترنيت. ولكن يجب التسجيل في الأون لاين، ومن أجل الزيارة يجب تحديد السنة الدراسية. وبفضل هذا، كل المواد الدراسية وضعت في نظام مفتوح، والمواد يمكن استيعابها ذاتياً حتى دون حضور المحاضرات التي لا تعتبر إلزامية. وكل محاضرة تقريباً يرافقها عروض سمعية مرئية، تدخل بشكل مسبق لصفحات الأون لاين، وهو ما يسمح بالإستعداد أفضل، وبالمشاركة في الحوارات بنشاط. ويستخدم الدارسين بشكل ثنائي الكمبيوتر المحمول وغيره من الوسائل المشابهة لتلخيص أو إعداد الواجبات بالنظام السريع.
والبرنامج التعليمي الخاص "Uni Kind" أعجب الفتاة، لأن البروفيسور في إطاره يقوم بدقة وخاصة في العلوم الدقيقة والطبيعية بإجراء محاضرات للأطفال في الصفوف الإبتدائية باللغة المفهومة لديهم. ويمكن للتلاميذ الأكبر سناً حضور المحاضرات في مختلف المواد إلى جانب الطلاب، من أجل أن يفهموا واقعياً، إلى أي مدى هذا الإتجاه يلبي ما ينتظرونه منه. كما وتنظم عدة نشاطات ودورات خارج المدرسة لرفع الكفاءة أيضاً، وحتى يمكن للمتقاعدون حضورها أيضاً.
وأشارت بنفشه قلانداروفا إلى أن: مركز اللغات يتمتع بقيمة خاصة لدي، حيث يمكن دراسة اللغة الأجنبية بالمجان. وهذه هوايتي، وعملية معرفة لغات وثقافة الشعوب الأخرى يوفر سعادة فكرية ويخدم زيادة مقدراتي المهنية في المستقبل عملياً، واللغة الألمانية درستها في المدرسة وفي البيت، حيث كان الكثير من الكتب المدرسية والمراجع الأدبية بهذه اللغة، وبعد ذلك كنت أرجع دائماً للصحف والمجلات والبرامج التلفزيونية الألمانية في الجامعة. وكلغة أجنبية ثانية اخترت اللعة الفارسية التي لم تزل تثير إعجابي. وأثناء عملي ألممت بالإنكليزية، والآن في أوقات الفراغ أدرس الإسبانية والتركية.
ومواطنتنا لم تنسى الرياضة التي تعطيها الطاقة منذ الطفولة. وقد أعطت سنوات كثيرة لكرة الطائرة، وكرة الطاولة، وككابتن فريق كرة الطائرة دافعت عن شرف الجامعة القومية في المباريات ومن ضمنها بطولة الجامعات. ولم تزل تلعبها حتى الآن، بالإضافة لممارسة السباحة، وفي الجامعة الطلاب والعاملين يمكنهم ممارسة كل ما يحلو لهم.
الصلات لن تنقطع
كل شيء على ما يرام، ولكن كيف تعيش بعيداً عن البيت ؟
وأشارت المتحدثة عبر الإنترنيت إلى أن حب الوطن إحساس يقوى وأنت بعيد عنه. أحيانا أتشوق للطيبة وحب الإنسان المميزة لشعبنا. وما يزعجني هنا قلة إحترام كبار السن، وخاصة عندما لا يفسح الشباب المكان لهم للجلوس في وسائل المواصلات العامة، دون أي شعور بتأنيب الضمير. بينا هذا موجود دمائنا، ولهذا أنا في مثل هذه الحالات أقف أتوماتيكياً. والمثير أنهم ينظرون إلى تصرفي هذا باستغراب. وأنا لا أخجل من إظهار تربيتي الأوزبكية وقيمي القومية. وعندما تبدا مشاعر شوقي تشتد لأبي وأمي، وأقربائي وأصدقائي، أحاول التركيز على الدراسة. وبقدر ما أحقق نجاحات كبيرة في دراستي، بقدر ما يصبح مفهوماً لدي أنهم ليسوا بعيدين عني، وهذا يدخل الهدوء بعض الشيء إلى نفسي. وإذا رغبت الدخول للأجواء الأوزبكية، ففي ألمانيا يدرس الكثيرون من طلابنا. وهنا لم أحصل على الكثير من الأصدقاء الألمان فقط، بل وعلى أصدقاء ومن أبناء وطني أيضاً، نلتقي دائماً، ونطبخ طبخاتنا المحببة، وننظم المناسبات، وتساعدنا في هذا سفارة الجمهورية وروابط الأوزبكستانيين المحلية.
وبنفشه سعيدة أيضاً لأن برلين مدينة متعددة القوميات وتتميز بتسامحها مع الأجانب. وفي الجامعة عدد كاف من الطلاب والباحثين الأجانب، الذين ينظمون دائماً أمسيات ثقافية، تجذب حتى السكان المحليين. وفي العام الماضي قامت بتنظيم عرض مسموع ومصور عن أوزبكستان، وتاريخها، وثقافتها، وطرق تفكير، وعادات وتقاليد وفنون أوزبكستان. والحديث عن مدننا الرائعة حصل على اهتمام كبير لدى المستمعين.
وأكدت الفتاة على أن الكثير من أصدقائي الألمان اعترفوا لي بأنهم معجبون بثقافتنا وتقاليدنا. وأنها في تلك اللحظات كانت تفتخر ببلادها أكثر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق