الاثنين، 8 ديسمبر 2014

الإسلام في أوزبكستان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي


تحت عنوان "الإسلام في أوزبكستان بعد انهيار الاتحاد السوفييتي" نشرت الصفحة الإلكترنية مركز آسيا، يوم 27/2/2014 مقالة كتبها: ر.س. باباخانوف، وجاء فيها:
تفاعلات تعميم المظاهر الإسلامية على مجتمعات آسيا المركزية بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي رافقته عمليات تسييس الدين الإسلامي في المنطقة. وكانت عمليات تسييس الدين الإسلامي خلال تسعينات القرن الماضي عالية جداً في طاجكستان. وأخذت تفاعلات تسييس الدين الإسلامي في أوزبكستان وقرغيزيا بالتشكل خلال سنوات عديدة، ووضعت هذه التفاعلات في تركمانستان وقازاقستان تحت الرقابة الشديدة للأنظمة الحاكمة هناك.


خارطة آسيا المركزية
فما هي أسباب تسييس الإسلام في آسيا المركزية ؟
يظهر التاريخ العالمي ارتباط الدين والسياسة ببعضهما البعض دائماً، وهذه الحقيقة ترتبط ليس بالدين الإسلامي وحده، بل وبغيره من الأديان العالمية. فالدين والسياسة يشكلان جزءاً من النظم الأيديولوجية، ويعملان معاً على تشكيل العلاقات الإجتماعية، وإلى جانب هذا، يؤدي الدين وظيفة محددة في المجالات السياسية. وينظر إلى جوهر تسييس الدين الإسلامي وكأنه تفعيل لجماعات جماهيرية (المؤمنين) لإدخالهم في اللعبة السياسية. وأسباب تسييس وإحياء الإهتمام بالإسلام في آسيا المركزية برأيينا كان بسبب إنهيار النظم السائدة، والتخلي عن الأيديولوجية الشيوعية، إلى جانب التوترات الإجتماعية والسياسية الداخلية في جمهوريات المنطقة. وبالإضافة لذلك يمكن التحدث عن تفاعلات العولمة وترشيد المجتمعات، التي هيآت مقدمات تسييس الدين الإسلامي، ليس في آسيا المركزية وحسب، بل وفي كل أنحاء العالم. وأدى تسييس الدين الإسلامي إلى ظهور تصرفات شاذة شملت نشاطات المنظمات المتطرفة الإقليمية والدولية، ووضعت الإستقرار والأمن في بعض مناطق العالم موضع تساؤل. وعلى هذا الشكل توافقت تفاعلات تسييس الدين الإسلامي مع تفاعلات تطرف بعض أتباع هذا الدين في كل أنحاء العالم. ولهذا برأيينا أن أكثرية المنظمات والحركات الإسلامية المتطرفة في كل أنحاء العالم الإسلامي أخذت تطلق على نفسها تسميات أحزاب سياسية، ودخلت الصراع السياسي الدائر على السلطة بنشاط.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن المشاريع الإسلامية في جمهوريات آسيا المركزية تعتبر جزءاً من مشروع عالمي أكبر، وشملت في تلك السنوات كل الساحة السوفييتية السابقة. وفي إطار هذا المشروع العالمي قادت المنظمات الإسلامية العالمية تفاعلات إحياء الدين الإسلامي على الساحة السوفييتية السابقة، وقامت بعض دول الشرق الأوسط بتمويلها بسخاء. وانتمت تلك المنظمات إلى توجهات إسلامية متطرفة، وعبرت عن نفسها بسطوع كمنظمات مقاتلة. والحديث هنا يدور قبل كل شيء عن:
- حزب التحرير الإسلامي؛
- وجملة من الحركات السلفية السرية التي سميت آنذاك بالوهابية؛
- وحزب البعث الإسلامي الطاجكستاني؛
- والحركة الإسلامية الأوزبكستانية؛
- وغيرها من بعض المنظمات الإقليمية التي بدأت نشاطاتها كممثلة للدين الإسلامي المتطرف، ولو أن نشاطات حزب البعث الإسلامي الطاجكستاني خلال السنوات الأخيرة كانت كحزب معارض ضمن البرلمان الطاجكستاني.
  وعمليات تعميم المظاهر الإسلامية على المجتمع في أوزبكستان كانت شبيهة بالعمليات الجارية على الساحة السوفييتية السابقة، ورافقتها سياسة معادية لتعميم المظاهر الإسلامية على المجتمع من قبل النظام (الشرعي) الذي يمثله إسلام كريموف آنذاك. وجوهر تلك السياسة كانت قبل كل شيء بمنع نشاطات أية منظمة حتى ولو كانت لها صلات بعيدة بالدين. مع مطاردة وملاحقة رجال الدين، وفرضت الرقابة على المساجد والمراكز الدينية القائمة، وأعلنت الحرب ضد المنظمات الدينية السرية، وكلها كانت تشكل اتجاهاً رئيسياً لسياسة السلطات المعادية للدين في أوزبكستان خلال السنوات التي تلت إنتهاء المرحلة السوفييتية. ومع ذلك كان لا يمكن وقف عملية إضفاء الإسلام على المجتمع، وتسييس وتطرف الدين الإسلامي خلال تلك الظروف التي مرت بها الجمهورية. ورافقه ظهور عدد ضخم من المنظمات الدينية التي بدأت بالعمل السري بعمق منذ تأسيسها. لأن المعارضة السياسية كانت خلال سنوات العهد السوفييتي مسحوقة بالكامل في تلك الجمهورية ومقضي عليها تماماً، وكانت المنظمات الدينية السرية القوة المعارضة الرئيسية لنظام إسلام كريموف (الشرعي والمنتخب من قبل عامة الشعب-المترجم) بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق. وسنستعرض في هذا البحث قبل كل شيء نشاطات قوتين معارضتين منها وهي التي قامت وتقوم بنشاطات دينية وسياسية نشيطة داخل الجمهورية وخارجها. والحديث يدور عن الحركة الإسلامية الأوزبكستانية، وحزب التحرير الإسلامي.
ومن بين المنظمات الإسلامية التي كانت من أوائل المنظمات التي ظهرت خلال سنوات ما بعد إنتهاء العهد السوفييتي في أوزبكستان، تميزت بشكل خاص بينها المجموعة الإسلامية العسكرية "عدولات"، التي قادها طاهر يولداشيف. والتي جرى تشكيلها في نمنغان عام 1991 كبديل لحزب البعث الإسلامي الطاجكستاني. ومن الأيام الأولى لإنشائها تعرضت لملاحقات قاسية من قبل أجهزة حفظ الأمن في الجمهورية. واعتقل الكثير من أعضائها، وهرب غيرهم إلى طاجكستان، وأفغانستان، وإيران. وحتى نهاية عام 1992 لم تستطع الصمود أمام الضغوطات التي مارستها السلطات، وتم حل "عدولات". وجاءت الحركة الإسلامية الأوزبكستانية بديلاً عن "عدولات"، وتراسها آنذاك جمعة نمنغاني.
وظهرت الحركة الإسلامية الأوزبكستانية عام 1996 في طاجكستان كجماعة مهاجرة، جمعت أعضاء الأحزاب الإسلامية التي منعها رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف. وكان هدفها الأول القضاء على حكم الرئيس كريموف وإقامة دولة إسلامية على أراضي وادي فرغانة (المرجع:Исламское движение Узбекистана(ИДУ)// http://ru.wikipedia.org/wiki/%D0%98%D1).
وكان القائد السياسي والفكري للحركة الإسلامية الأوزبكستانية كالسابق القائد الإسلامي طاهر يولداشيف. (الذي أعلن عن مقتله عدة مرات، ولكن دون تأكيد ذلك). وشاركت مجموعات الحركة الإسلامية الأوزبكستانية في الكثير من أحداث الحرب الأهلية في طاجكستان إلى جانب المعارضة الطاجيكية المتحدة. ولكن بعد المصالحة (بين السلطة والمعارضة) لم تعد تجد مكاناً لها في طاجكستان، وانتقل أعضاء الحركة الإسلامية الأوزبكستانية مع اسرهم إلى أفغانستان، بالإتفاق مع طاليبان. والكثيرين منهم نقلوا إلى هناك على متن حوامات وزارة الحالات الطارئة الطاجكستانية. وفي أفغانستان قاتلت الحركة الإسلامية الأوزبكستانية ضد قوات التحالف، ومع غيرهم من مقاتلي طاليبان جرى التضييق عليهم ودفعهم نحو منطقة القبائل على الحدود الباكستانية الأفغانستانية. ونشرت الصحافة الباكستانية أنباء قيام الحركة الإسلامية الأوزبكستانية بإجراء إتصالات مع "القاعدة" هناك، مما أدى إلى قيام الجيش الباكستاني بعمليات قاسية أدت إلى عدم رضا السكان المحليين (نفس المصدر السابق).
واعتماداً على مصادر مؤكدة كانت صفوف الحركة الإسلامية الأوزبكستانية تضم خلال سنوات الحرب الأهلية في طاجكستان أكثر من 2000 مقاتل. ولكن مع ابتعاد أهداف الحركة الإسلامية الأوزبكستانية عن أوزبكستان لم يبقى فيها سوى عدد قليل من الأشخاص. وبراي فيتالي بونوماريوف، الخبير بالحركات الإسلامية في آسيا المركزية، أن وجود الحركة الإسلامية الأوزبكستانية في الوقت الراهن هو موضع تساؤل. "ففي السنوات الأخيرة جرت إنشقاقات داخل الحركة ولم يبقى من الأشخاص المعروفين سوى طاهر يولداشيف. والأشخاص الذين يتمتعون بشخصيات قيادية خرجوا منها ونظموا مجموعاتهم الخاصة، وعلى سبيل المثال: مجموعة "الجهاد الإسلامي" التي تشكلت في عام 2002 (نفس المصدر السابق).
واتهمت الحركة الإسلامية الأوزبكستانية بالقيام بالكثير من الأعمال الإرهابية في أوزبكستان، واتهمت أيضاً بتسلل وحداتها المقاتلة إلى قرغيزيا (في صيف عام 1999 مجموعات الحركة الإسلامية الأوزبكستانية بقيادة جمعة نمنغاني تسللت إلى المناطق الجنوبية من قرغيزيا. – المؤلف) وإلى أوزبكستان. ومما يشك به أن الحركة الإسلامية الأوزبكستانية بالتعاون مع حزب التحرير الإسلامي شاركت في أحداث أنديجان وغيرها من الأحداث، ولكن لا توجد اية معلومات عن أن نشاطات الحركة الإسلامية الأوزبكستانية كانت موجهة ضد روسيا. لأن قائد الحركة الإسلامية الأوزبكستانية طاهر يولداشيف في كلمته عبر الفيديو هدد أكثر من مرة بقتل رؤساء أوزبكستان، وقرغيزيا، وطاجكستان، بسبب تضييقهم على المسلمين، ولكنه لم يشر إلى الرئيس الروسي في تلك التهديدات. ولو أنه كان يصف في كلماته خطاب وباساييف اللذان قتلا في روسيا بأنهم "إخوته" (المرجع:Бороган И. ФСБ презентовала новую угрозу из Центральной Азии//http://www.agentura.ru/press/about/jointprojects/ej/newthreat).
وتجدر الإشارة إلى أن النشاطات الفعالة للحركة الإسلامية الأوزبكستانية سجلت في البلدان الآسيوية فقط. ويمكن أن يكون بعض أعضاء الحركة الإسلامية الأوزبكستانية، قد وصلوا إلى غيرها من بلدان أوروبا وأمريكا، ولكن لم تشر وسائل الإعلام الجماهيرية العالمية إلى أية نشاطات لهم هناك. وتقوم الحركة الإسلامية الأوزبكستانية بنشاطات نشيطة اليوم في وزيرستان (الدولة غير المعترف بها لطاليبان على الحدود الأفغانستانية الباكستانية) وتعتبر نفسها قطعة من قطعات "القاعدة"، التي تناضل تحت الشعار العالمي "الجهاد المقدس".
ماهية نشاطات حزب التحرير الإسلامي على أراضي أوزبكستان اليوم.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن أوضاع حزب التحرير الإسلامي مقارنة بالحركة الإسلامية الأوزبكستانية مختلفة تماماً. فحزب التحرير الإسلامي يعتبر منظمة عالمية، بدأت تحدث فروع لها ليس في آسيا المركزية وحسب، بل وفي العديد من الجمهوريات السوفييتية السابقة. وتشكلت الحركة الإسلامية الأوزبكستانية منذ البداية كحركة قومية إسلامية (أوزبكية). وفي حالات ظهور بعض مقاتلي الحركة الإسلامية الأوزبكستانية في الفيدرالية الروسية، كانوا مضطرين للإختباء من الملاحقة، فأعضاء "حزب التحرير الإسلامي" يمكنهم الحصول على الدعم والإختباء مع زملائهم على الساحة السوفييتية السابقة، ومن ضمنها روسيا. وتلاحظ مثل هذه الأوضاع في الكثير من الدول الغربية ودول الشرق الأوسط، حيث توجد هناك فروع لهذه المنظمة العالمية (نفس المصدر السابق).
وحزب التحرير الإسلامي بدا العمل على أراضي أوزبكستان منذ بداية عام 1990، وفي ذلك الوقت ظهرت أولى خلايا هذه المنظمة العالمية في مختلف مدن الجمهورية. وفي عام 1995 فقط بدأت السلطات جدياً تتعامل مع أخبار وسائل الإعلام الجماهيرية عن الخلايا الجديدة المحدثة لهذا الحزب في المدن الكبرى، ومن ضمنها: طشقند، وسمرقند، وبخارى، ونمنغان، وأنديجان، وقوقند، وغيرها من المدن. وأعلنت الخدمات الخاصة الأوزبكستانية (المخابرات) وقتها عن أن أيديولوجية حزب التحرير الإسلامي تم "استيرادها" إلى الجمهورية عام 1995 من قبل المواطن الأردني صلاح الدين (المرجع: Пономарев В. Ислам Каримов против "Хизб ат-Тахрир". М.1999.с.13-16).
وكانت الأدبيات التي يصدرها حزب التحرير الإسلامي توزع علناً في مساجد العاصمة مدينة طشقند خلال عامي 1995 و1996.
فمن الذي إنضم إلى صفوف هذا الحزب ؟
الأكثرية الساحقة منهم كانت من الشباب. وأطلق أعضاء هذا الحزب على أنفسهم اسم "تحرير" أو "خيفس"، دون استعمال الإسم الكامل للمنظمة أو استعمال كلمة "حزب" بل كما هو دارج بالأوزبكية العامية "خيفس". وقام التحريريون الشباب قبل كل شيء بالإلتزام الكامل بالقوانين الإسلامية واتبعوا مبادئ الشريعة في المجتمع. ورددوا باستمرار في كلماتهم أن الهدف الاسترتيجي الرئيسي لحزبهم هو: العودة إلى "القرن الذهبي" للإسلام، وإقامة الدولة الإسلامية العالمية، "الخلافة الجديدة" (نفس المصدر السابق). ولكن الموقف المبدئي لأعضاء حزب التحرير الإسلامي كان بالإمتناع عن استخدام العنف في النضال لإقامة "الخلافة الجديدة". والشبيبة الأوزبكستانية بإنضمامها لصفوف حزب التحرير الإسلامي، كانت تناقش علناً ليس المسائل الدينية فقط، بل والمسائل الإجتماعية والاقتصادية والسياسية. وعلى هذا الشكل كان حزب التحرير الإسلامي منذ بداية ظهوره في أوزبكستان حزباً سياسياً دينياً معارضاً.
وضمت القيادة الحزبية لحزب التحرير الإسلامي في أوزبكستان سبعة درجات:
- "معتمد" (القائد الرئيسي)؛
- "مسؤول" (قائد منظمة على مستوى ولاية)؛
- "مساعد" (مساعد المسؤول)؛
- "نقيب" (قائد منطقة)؛
- "نقيب يردامتشيسي" (مساعد نقيب)؛
- "مشرف" (قائد مجموعة أو عدة مجموعات تعليمية)؛
- "دارس" (مستمع).
والخلية الأولى للحزب كانت "حلقة" (خلية)، تضم عادة حتى 5 أشخاص (نفس المصدر السابق).
كيف كانت تجري عملية الإلتحاق بصفوف حزب التحرير الإسلامي في أوزبكستان ؟
 وفق العادة المتبعة كان نشطاء حزب التحرير الإسلامي يتعرفون في المساجد على المؤمنين الشباب ويدعونهم لقراءة إحدى نشرات المنظمة، وإذا ظهر لديهم إهتمام يعطوهم نشرة ثالثة ونشرة رابعة. وتبدأ المناقشات النفسية للتجنيد بعد قراءة النشرة الـ 4 والـ 5 فقط. واثناء تلك المناقشات يدعون الشباب للإنضمام إلى صفوف حزب التحرير الإسلامي. وإذا وافق الشباب على ذلك يقسمون يمين الولاء وبحصلون على درجة مستمع. وإضافة لذلك فرضت على المنتسبين إلى صفوف حزب التحرير الإسلامي إلتزامات تفرض عليهم الحفاظ التام على أسرار الحزب. وخلال ثلاثة أشهر كان المستمعون يؤدون إمتحاناً للحصول على درجة "مشرف"، ومن يحصل عليه يحق له إنشاء مجموعة دراسية جديدة "حلقة". وكان أعضاء حزب التحرير الإسلامي مطلعين على مستوى "حلقة" فقط، والتي تضم عادة من 3 إلى 5 أعضاء. وبعدها تنقطع الصلة الحزبية العليا بين الأعضاء وهو ما صعب من مهام أجهزة حفظ الأمن في الجمهورية أثناء القبض وتوقيف الأعضاء (نفس المصدر السابق).
أية مضامين كانت في المراجع الأدبية التي أصدرها حزب التحرير الإسلامي في أوزبكستان ؟
ويمكن وصف مضامين الكتب، والنشرات، والمناشير، التي كانت توزع في المساجد، وفي شوارع المدن وفي المناطق الريفية بالمتطرفة. وهذه عناوين بعضها والتي تؤكد على الطبيعة المتطرفة للحزب:
- "مالذي يقف وراء العلاقات الأمريكية الإندونيسية ؟"؛
- "مالذي يربط السلطة الأردنية بالعبريين ؟"؛
- "الهدف الرئيسي من العنصرية الجزائرية، هو القضاء على الإسلام"؛
- "جمهورية الشيشان: كيف أحيت الإسلام في قلوب الناس"؛
- "أمريكا هي دولة الإرهابيين، الذين يجب طردهم من العالم الإسلامي".
وهكذا (المرجع:АПИ - Кто есть кто в узбекской оппозиции. Доклад казахстанских специалистов www.centrasia.ru/newsA.php?st=1035407100?).
 ومن عام 1995 أخذت السلطات الأوزبكستانية تراقب بدقة نشاطات حزب التحرير الإسلامي في الجمهورية. وأول إعتقالات جرت بين أعضاء حزب التحرير الإسلامي كانت في عام 1998 بعد أن أشار الرئيس إسلام كريموف في مقابلة صحفية إلى نشاطات حزب التحرير الإسلامي في الجمهورية وقال: "أننا لا نستطيع السماح ولن نسمح  بمثل هذه التصرفات العدوانية" (نفس المصدر السابق).
 وبعد الأعمال الإرهابية التي حدثت في طشقند عام 1999 عبر وزير الشؤون الداخلية الأوزبكستاني ألماتوف في مقابلة صحفية مع وسائل الإعلام الجماهيرية عن رأيه حول مشاركة حزب التحرير الإسلامي في هذه الأعمال الإرهابية، ولكن اسم حزب التحرير الإسلامي بعد ذلك لم يرد في مواد القضية الجنائية حول هذه الأعمال الإرهابية. ولكن كلمات ألماتوف تلك كانت تستخدم كالألغام الموقوتة بعد ذلك. وبعد تصريحه بدأت إعتقالات جماعية لأعضاء حزب التحرير الإسلامي في جميع أنحاء الجمهورية. وفي مارس عام 1999 رد حزب التحرير الإسلامي على مطاردة السلطات له وبدأت عملية توزيع أولى المنشورات المتعلقة بآسيا المركزية وأوزبكستان. واستنكر حزب التحرير الإسلامي فيها بشدة الإرهاب ونفى مشاركته بالأعمال الإرهابية في الجمهورية. مما أدى إلى تعرضه لنقد لاذع من قبل سياسة السلطات المعادية للأديان، وأطلق حزب التحرير الإسلامي على إسلام كريموف عبارة "يهودي كافر". وبعد تلك التصرفات العلنية بدأت شهرة حزب التحرير الإسلامي في الجمهورية بالتصاعد. ووصل عدد المنشورات الموزعة وفقاً لمواد القضية الجنائية إلى مئآت آلاف النسخ. وبدأ يتدفق سيل جماعي لأعضاء جدد إلى هذه المنظمة. وفي عام 1999 قام حزب التحرير الإسلامي بعمل جماعي خرج خلاله مئآت أعضاء هذه المنظمة إلى الشوارع ووزعوا مناشير بمضامين دينية وسياسية. وأثناء هذه التصرفات تم بتاريخ 14/6/1999 توقيف وألقي في السجن فرحات عثمانوف أحد قادة فرع طشقند لحزب التحرير الإسلامي. وبعد عدة أيام توفي في السجن نتيجة للتعذيب. وحصلت وفاته على ردة فعل إجتماعية كبيرة، ساعدت على نمو شهرة الحزب أيضاً. وبعد أحداث عام 1999 تحول حزب التحرير الإسلامي في الجمهورية إلى حركة جماهيرية وضمت صفوفه عملياً كل الشرائح الإجتماعية. وبعدها اصبح ممثلو هذه الحركة ينتقدون علناً ودون خوف من الملاحقة نظام الرئيس إسلام كريموف حول جميع مسائل السياسة الإجتماعية والاقتصادية والدينية (نفس المصدر السابق).
أية اتهامات وجهتها السلطات ضد أعضاء حزب التحرير الإسلامي ؟
اتهم أعضاء حزب التحرير الإسلامي قبل كل شيء بالتطاول على البنية الدستورية في أوزبكستان، والإنتماء لمنظمة محظورة، تسعى لإقامة دولة دينية "خلافة جديدة" على أراضي الجمهورية. وفي حالات أخرى اتهم قادة حزب التحرير الإسلامي بتنظيم جماعات إجرامية، وتوزيع مواد مطبوعة، تتضمن أفكاراً متطرفة وإنفصالية، إلى آخره.
ووفقاً لهذه الإتهامات تعرض أعضاء حزب التحرير الإسلامي لفترات سجن واقعية، تراوحت ما بين عدة سنوات من حجز الحرية حتى 15 عاماً. وبعد عام 1999 أودع عدد ضخم من أعضاء حزب التحرير الإسلامي السجن لمختلف الفترات. ونتيجة لذلك إمتلأت سجون الجمهورية. مما حذى بالسلطات الأوزبكستانية إلى اللجوء لمحاولات تخفف من خلالها العبء عن السجون، وقامت بإطلاق سراح أعضاء حزب التحرير الإسلامي الذين كانوا يكتبون رسائل إلتماس لرئيس الجمهورية، ويوقعون على إلتزام بالتعاون مع أجهزة حفظ الأمن. ولكن الكثيرين من أعضاء حزب التحرير الإسلامي الذين وقعوا في السجن كجماعات متماسكة رفضوا هذه العروض. ووفقاً لمعلومات برنامج آسيا المركزية لجمعية "ميموريال" من عام 1997 وحتى عام 1999 في أوزبكستان تم الحكم وأودع في السجون ولمختلف الفترات أكثر من 15 ألف شخص بقضايا جنائية بتهمة "إسلامي". والأكثرية الساحقة من شخصيات هذه القضايا الجنائية كانوا من أعضاء حزب التحرير الإسلامي في أوزبكستان (نفس المصدر السابق).
وأضطر الكثير من أعضاء حزب التحرير الإسلامي لمغادرة أوزبكستان، خوفاً من ملاحقة السلطات المحلية. وهاجر الكثير منهم إلى روسيا وقازاقستان. وحصل بعضهم على حق اللجوء السياسي في دول أوروبا وأمريكا. وانضم آخرون إلى صفوف الجماعات الإسلامية المتطرفة في الشرقين الأوسط والأدنى. وبعد وصول بعض أعضاء حزب التحرير الإسلامي والحركة الإسلامية الأوزبكستانية إلى روسيا بدأت الخدمات الخاصة (المخابرات) الروسية تهتم بمراقبة نشاطات فروع حزب التحرير الإسلامي في كل أنحاء البلاد. وفي أبريل عام 2008 اعتبر نيكولاي باتروشيف مدير خدمة الأمن الفيدرالية أن حزب التحرير الإسلامي والحركة الإسلامية الأوزبكستانية تشكلان تهديداً إرهابياً جديداً ضد روسيا، مشيراً إلى "الذين يحاولون نقل نشاطاتهم الإجرامية من أوزبكستان إلى منطقة الأورال" (المرجع: Бороган И. Хизб-ат Тахрир аль-Ислами //http://studies.agentura.ru/tr/hisbuttahrir/).
وأقامت الخدمات الخاصة (المخابرات) الروسية تعاون وثيق مع زملائهم الأوزبك في إطار منظمة شنغهاي للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، والتطرف والإنفصالية. وفي إطار هذا الكفاح وجهت عناية خاصة نحو نشاطات كل المنظمات الدينية التي لها علاقة بالحركات الأصولية الإسلامية.
وخلال السنوات الأخيرة لم تكن هناك أية معلومات مؤكدة عن مشاركة حزب التحرير الإسلامي في الأعمال الإرهابية في روسيا. والاتهامات بالإرهاب التي وجهت لأعضاء حزب التحرير الإسلامي كالمعتاد كانت تسقط قبل المحاكمة. وعلى سبيل المثال: في مايو عام 2007 قدمت الخدمات الخاصة (المخابرات) الروسية تقريراً عن الكشف عن التخطيط لإعتداء على محافظ سانت بيتيربورغ فالينتين ماتفيينكو ووزعت معلومات عن أن أعضاء حزب التحرير الإسلامي أعدوا له. ونتيجة لهذه التهمة التي لم يشارك فيها أعضاء حزب التحرير الإسلامي أبداً، برأتهم المحكمة (نفس المصدر السابق).


مسجد مينور في طشقند شيد بتوجيه من الرئيس إسلام كريموف عام 2014
وكما نرى أن عملية تعميم المظاهر الإسلامية على المجتمع وتسييس الدين الإسلامي في أوزبكستان واجهت مشاكل جدية جداً. وأصبحت السلطات تلاحق كل الإسلاميين، وتسحق أجهزة منظماتهم وتمنع نشاطاتهم السياسية تحت راية الإسلام. وتحولت أكثر المنظمات الإسلامية إلى منظمات سرية للغاية. بينما توقف بعضها عن النشاط على أراضي الجمهورية. وغادر الكثير من قادة ونشطاء حزب التحرير الإسلامي والحركة الإسلامية الأوزبكستانية الجمهورية وتكون مستقبل مصيرهم بأشكال مختلفة. وبقيت للكثيرين منهم في الوطن بيوت وأقارب وأهل ينتظرون عودتهم. وحالياً يكافح نظام إسلام كريموف (الشرعي والمنتخب من قبل الشعب-المترجم) "بنجاح" ضد الإسلام السياسي والمتطرف. ويعاني هذا النظام من الإسلام المسيس والمحارب. بينما ينتظر حزب التحرير الإسلامي والحركة الإسلامية الأوزبكستانية وغيرها من المنظمات الإسلامية تغيير النظام الحالي، لتتصرف وفق مخططاتها واستراتيجياتها مستقبلاً. (للإمعان في ما اعتادوا عليه من تشويه لصورة الإسلام والمسلمين أمام المجتمع الدولي، وتدمير المقدرات الاقتصادية والعسكرية والثقافية والعلمية في العالم الإسلامي وإذلال وتشريد سكان البلدان الإسلامية بكل فئاتهم الدينية والعرقية خلف ستار الشعارات الإسلامية المزيفة خدمة لأعداء الدين الإسلامي الحنيف دين السلام والعدل والأمن والإستقرار-المترجم)

ترجمه إلى اللغة العربية أ.د. محمد البخاري، في طشقند بتاريخ 30/11/2014 نقلاً عن المصدر الإلكتروني: http://www.centrasia.ru/newsA.php?st=1393447980

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق