الجمعة، 2 يناير 2015

ماهي أسباب الصراع في سورية ؟


ماهي أسباب الصراع في سورية ؟
قبل نحو عام قام كونستانتين أليكساندروفيتش بينزيف، معلق المجلة الإلكترونية "التحليلات الشرقية الجديدة" بنشر مقالة حملت عنوان "أسباب الصراع في سورية". وعادت الصفحة الإلكترونية مركز آسيا ونشرتها من جديد بتاريخ 2/7/2014، وهذا يعني على ما يبدو أن هذه المقالة لم تفقد أهميتها ولم تزل تتمتع بأهمية رغم مرور عام كامل على نشرها للمرة الأولى بقصد شرح أبعاد الصراع الدائر على الساحة السورية من وجهة نظره، خاصة بعد أن استباحت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، الأجواء السورية بحجة محاربة قوات الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش)، بدلاً من قطع الإمدادات المالية والبشرية والمعدات العسكرية الحديثة عنها. وكان من بين المتحالفين بعض الدول العربية التي تربطهم بسورية معاهدة دفاع مشترك نافذة لم يلغها أحد بعد ! وهذا يعني أنه كان يجب أن يقفوا إلى جانب السلطات الشرعية السورية. وبدأ التحالف الدولي بتوجيه ضربات جوية تم اختارها بدقة لتدمير البنية التحتية السورية، دون المساس بالمقدرات العسكرية لقوات الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام المسيطرة حالياً على بعض مناطق إنتاج النفط في سورية والعراق على ما يبدو، ولم تزل مستمرة بنهب والإتجار بالنفط السوري والعراقي عبر الأراضي التركية، وهذا يعني أنها تتم بموافقة ومباركة الحكومة التركية.
وفي نفس الوقت جاءت المقالة لتثبت أن أبعاد الصراع الدائر على الأراضي السورية ليس نشر الديمقراطية كما يدعون، بل تدمير البنية التحتية السورية وتشريد وإذلال ونهب أملاك سكانها وإستباحة أعراضهم، وبالدرجة الأولى الإساءة للإسلام، من خلال إلصاق الملامح الإرهابية والإجرامية بالدين الإسلامي الحنيف، وتوفير الإمكانيات والظروف الملائمة لاستيطان مجموعات بشرية غريبة تسربت بأعداد كبيرة مع أسلحتها ومعداتها إلى المنطقة عبر الحدود التركية، وحدود بعض الدول المجاورة، كما حدث بفلسطين في ثلاثينات القرن الماضي، وأفغانستان في سبعينات القرن الماضي، والصومال في تسعينات القرن الماضي وغيرها من الدول الإسلامية والعربية، وأن كل هذا يحدث على مرآى ومسمع المجتمع الدولي للتمهيد لإقامة دويلات مصطنعة ومتناحرة إلى ما شاء الله في سورية والعراق ونقل هذا الصراع إلى الدول المجاورة المنتجة للنفط لضرب إستقرارها، لأن تنفيذ خطط التنمية البشرية والاقتصادية كانت ولم تزل تحتاج للإستقرار وهو ما فقدته بعض الدول العربية والإسلامية حتى الآن وستفقده دول أخرى مرشحة لإنتقال الصراع إلى أراضيها.
ولأهمية المقالة أضع ترجمة حرفية لها تحت تصرف المهتمين بما يجري على الساحات العربية والإسلامية من تشويه للإسلام وقتل وتدمير ودب الفرقة بين أبناء البلد الواحد باسم الإسلام، وتشريدهم وإحلال غرباء في أماكن سكنهم التي يتم الإستيلاء عليها ويطردون منها بقوة وعنف لا مثيل له إلا في الحروب العالمية، وحروب الإستيطان لإحلال شعب مكان شعب آخر كما يظهر التاريخ الإنساني.


خارطة سورية
وجاء في مقالة كونستانتين أليكساندروفيتش بينزيف، ((لماذا تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بخناق سورية مثل كلب الحراسة ؟ وما هي أسباب هذا الإصرار وعدم رغبتها في إيجاد حل للصراع بالطرق السلمية ؟ لأن الأسباب الأكثر تداولاً تشير إلى أن:
1. الموقف الرسمي لمندوبي الولايات المتحدة الأمريكية يتمثل بأن بشار الأسد طاغية، ويجب قصفه من الجو. ولكن كم سيكون عدد القتلى من السوريين الآمنين الذين لا علاقة لهم بنظام الأسد السياسي تحت هذا القصف، وهذا طبعاً لا يعني شيئاً لواشنطن. فالبيت الأبيض يعمل وفق النموذج الإرهابي، من أخذ رهائن أبرياء تماماً كما يفعل الإرهابيون. وموقف حكومة الولايات المتحدة الأمريكية المعلن يعبر عن أن قتل البشر دون أية أسباب خلال المرحلة المعاصرة يعتبر تصرف غير لائق فقط.
2. النفط.
3. نظرية المؤامرة، والتي تتضمن: أن بعض القوى الظلامية (عبدة الشيطان، والمشعوذين، والماسونيين، والمجددين الظلاميين، وغيرهم) تتمركز في واشنطن، وتسعى لإقامة إمبراطورية عالمية للشر. ولكن لماذا ؟ والرد على هذا السؤال صعب جداً. ولكن ما الذي نعرفه عن الأفكار التي تدور في رؤوس المشعوذين وعبد الشيطان ؟ مع الأسف الشديد في هذا المجال يمكننا التنبؤ فقط.
4. أسباب أخرى.
وعلى ما يبدوا وكم هذا محزناً، أنه علينا غض النظر عن السببين الأول والثالث إذا كنا نرغب بالإقتراب ولو قليلاً من الأوضاع الواقعية للقضية. ومن الممكن أن لا يكون الأسد مثالاً للقائد السياسي لدى البعض، ولكن في الحقيقة هناك طائفة من عبد الشيطان في واشنطن، تدفعنا إلى التفكير بجملة من أسباب الصراع السوري، وأنها إيحاءآت خلفتها دوافع تجارية بحتة.
وعلى ما يبدو أن النفط هو من الأسباب المادية أكثر بين كل تلك الأسباب، ويعتبرونه دائماً العامل المقنع والرئيسي للحرب في العراق. ولكن هناك وجه آخر لخبرة حرب إحتلال العراق، يشهد على أن النفط كان وببساطة أرخص بكثير لو تم شراءه من عند حسين، بدلاً من تحمل نفقات الحرب. وإذا نظرنا إلى ما تحولت إليه موازنة الولايات المتحدة الأمريكية في عهد إدارة جورج بوش الابن ؟ فيكون الجواب الواقعي على هذا السؤال، بأنها تحولت إلى ثقب تستنزف عبره وبسرعة خيرات الشعب الأمريكي.
والوزير الأول البريطاني طوني بلير، ناقش آنذاك منطق وأسباب حرب العراق، وكان تعبيره واضحاً: "إذا كانت المشكلة في النفط، فكان من الأفضل إبرام إتفاقية مع صدام". و على سبيل المثال، هذا يتعلق بليبيا أيضاً. فلماذا كان يجب قتل القذافي، إذ أنه كان يتاجر بالنفط مع الغرب، والموارد التي يتسلمها يضعها في البنوك الغربية، والواضح أنه هناك قانون إستعماري كلاسيكي يقول باستبدال الموارد والخيرات مقابل مجموعة من الخرز ؟ وكما قال سركازي، العقيد القذافي كان صديقاً للغرب. حتى أنه مول كما أكدت جملة من وسائل الإعلام الجماهيرية، حملة سركازي الإنتخابية في فرنسا. فمتى جاءت فكرة أن القذافي طاغية إلى رأس الرئيس أوباما ؟ لابد أنها جاءت عندما صافح يد العقيد مبتسماً للمصورين الصحفيين ؟
وأسباب الصراع السوري، كغيره من الحروب والثورات في العالم الإسلامي، مرتبطة فعلاً بالنفط، ولكن هذا السائل الأسود اللزج لا يهم الإدارة الأمريكية بشدة. والواضح أن أسس الأحداث السورية بالكامل هي ليست لصالح الإتحادات النفطية الغربية. ويمكن أن يكون بعض المشعوذين قد أملوها فعلاً على دماغ رئيس كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية ؟
ولنصب إهتمامنا على الأجزاء الـ"أخرى".
وكما هو معروف أن مندوبي الإدارة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، عند استقالتهم، يحبون القيام بهز وعي الجماهير بمفاجآت ومصارحات يعرضون من خلالها أن حرية الكلمة موجودة في الولايات المتحدة الأمريكية. وبول روبيرتس المستشار الإقتصادي السابق في إدارة ريغن، عبر بمقابلة صحفية مع PressTV منذ سنتين عن أننا: "نحن نريد القضاء على القذافي في ليبيا والأسد في سورية، لأننا نريد طرد الصين وروسيا من البحر الأبيض المتوسط".
ومن حيث المبدأ بول روبيرتس ليس بعيداً عن الحقيقة. فالرغبة التي تشعر بها إدارة البيت الأبيض دائماً هي طرد أي كان ومن أي مكان هي واقعية جداً. فالأمريكيون حاولوا طرد الشيوعيين من فيتنام، واحتلوا باناما، ولكن من أجل ماذا ؟ من أجل إعتقال صنيعتهم نوريغو. ولكن الشيوعيين الفيتناميين كانوا أقوى. ومع ذلك تبقى مساعي طرد الصين وروسيا، مع أن هاتين الدولتين معاً، تشكلان الطريق الأقصر نحو حرب عالمية لم تزل نتائجها غير واضحة لدى الولايات المتحدة الأمريكية. ويمكن على ما يبدوا أن المسؤولين هم أنفسهم المشعوذين ؟
ولماذا كان وبمثل هذه الطريقة أيضاً الإطاحة بالرئيس كبير السن مبارك وسحبه من شقته إلى المحكمة لإسعاد الجماهير ؟ فهل دخل مبارك سراً في تحالف أمني جماعي أو جهز قاعدة للسفن الروسية المزودة بالصواريخ ؟
فالتواجد الروسي في البحر الأبيض المتوسط لا يدخل ضمن أية مقارنات مع تواجد إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية فيه في الماضي القريب. ولا يمكن مناقشة تأثير الإتحاد السوفييتي على التفاعلات الجارية في الشرق الأوسط، لماذا ؟ لأن أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية لم يشكلوا أغلبية هنا، ولم يجروا أسرة النوم إلى المحاكم، وبشكل عام كانت تصرفاتهم هذه كافية.
ولنأخذ على سبيل المثال الأحداث الجارية حالياً في تركيا، والتي تنكشف مباشرة أمام أعيننا. فالذي يجري اليوم في استنبول، لا يمكن تسميته بغير ذلك، ويمكن تسميته "ثورة" أو محاولة لها. واهمية هذه الأحداث سيأتي وقت لتقييمها، ولكن من الواضح، أن الحديث في هذه الحالة ليس فقط عن إستقالة حكومة إردوغان.
فمن يقف وراء اللإضطرابات في تركيا ؟ والناس السذج يعتقدون، أن الثورة هي تعبير طبيعي عن غضب الجماهير. ولكن هذا ليس هكذا. لأنه يجري الإعداد للثورة ويخطط لها بدقة، وأي منها لم يؤدي حتى الآن إلى تحسين حياة الشعب.
ومن متابعة منطق صراع الدول العظمى، يمكن توقع أن تكون الخدمات الخاصة (المخابرات) الصينية أو الروسية قد نظمت الإضطرابات في تركيا. فمن يمكنه تصديق هذا بجدية ؟ وعلى الأكثر تآمر المشعوذين العالميين سيكون نسخة مشابهة للحقيقة. فتركيا عضو في الناتو من عام 1952، وهي مرشحة لعضوية الإتحاد الأوروبي منذ عام 1999، وهي دولة وضعت نفسها تحت تصرف مصالح الأطلسيين. وإذا توقعنا أن عملاء خدمة الأمن الفيدرالية (الروسية) نظموا محاولة للثورة التركية، فعلينا الإتفاق على أن مثلها سيحدث في واشنطن أيضاً. وأوباما طاغية وعليه أن يذهب ؟ آه... وما في هذا ؟
إردوغان يدعم وبحماسة موقف الولايات المتحدة الأمريكية حول المسألة السورية. وفي كَوْرَسٍ مشترك ينشدون "الأسد يجب أن يذهب!"، وكان هناك صوت يقول: يجب أن يذهب إردوغان وهو موجود اليوم أيضاً، وهذا واضح. وكان من الممكن تنفيذه بصوت منخفض جداً وبغموض، لأن الشباب في واشنطن لا يفرقون أبداً بين المزاح والشائعات.
وهكذا، فقد بدا واضحاً أن سورية ليست الهدف النهائي. وهي فقرة من سلسلة أهداف. والولايات المتحدة الأمريكية والمتواطئين معها يتجهون نحو العراق وإلى الرقابة المباشرة على تصدير النفط إلى جمهورية الصين الشعبية. وهذه قضية جيوسياسية. ففي بكين على سبيل المثال هذه الأوضاع واضحة لهم بشكل جيد، ويقيمون تعاون في مجال الطاقة مع الفيدرالية الروسية والهدف منه تنويع مصادر نواقل الطاقة. ولكن لماذا هنا تركيا، وهي عضوة في الناتو من عام 1952 ؟
والواضح أن واشنطن تشعر بضرورة الرقابة على العالم، وعلى النفط، وعلى أية دولة تستخرجه. وفي هذا المجال العالم الإسلامي يعتبر أيضاً حلقة في هذه السلسلة.
وأثناء النظر في الأحداث الجارية بالشرق الأوسط تلاحظ مواجهات وتناقضات واضحة في كل الأوقات. فمن جانب وكأنها تنبعث من كل هذه الحرب والثورة رائحة النفط الواضحة، ومن جانب آخر، لا يعتبر النفط سببها الرئيسي، ولكنه مرتبط بشدة بهذا السبب.
فأي صفقة أبرمت هنا ؟
لا يوجد للصراع السوري أي طبيعة خاصة ويعتبر جزءاً مرحلياً من خطة واشنطن بعيدة المدى وملحقاتها للسيطرة على كل العالم الإسلامي. ويمكن تسمية هذه الخطة بـ"الشرق الأوسط الجديد"، ويمكن أن تكون بـ"الخلافة الجديدة"، وفق رغبة واشنطن. وفي هذا المشروع ستلعب الدور الخاص وتلعبه المنظمات الإسلامية، الواقعة تحت سيطرة البيت الأبيض. ومن خصائص هذه المنظمات أنها دولية.
ومن خلال تركيز إدارة الإسلاميين في أيديها، تركز واشنطن بمساعدتهم سلطتها على كل الشرق الأدنى. وهذا أرخيص بكثير من خريطة السيطرة المباشرة والفعالة على موارد هذه المنطقة. ووفقاً لهذه الخريطة التي يطلق عليها تسمية "الديمقراطية المركزية" لاحاجة لأن تتفق واشنطن مع كل شيخ على حدى، بل تكتفي بإعطاء الأوامر لقيادة إسلامية موحدة هي "الخلافة".
ومن خلال تفاصيل هذه الخطط لا حاجة لبشر سيئين وخطرين أمثال الوزير الأول إردوغان. لأن إردوغان قائد حقيقي، ويراعي مصالحه القومية، وعلى هذا وكما يبدوا "عليه أن يذهب".
لأن الأساس الجديد لـ"الشرق الأوسط الجديد" يراعي جعل الإسلام في المقدمة، وهذا يعني أنه لا يجب أن تكون هناك أية مشاكل مع المطالب المادية للسكان المحليين. فالمنظمات الدينية وكما هو معروف من المستحسن أن يكون في تبعيتها تفكير أقل بالنواحي المادية، والإكتفاء بالنواحي الروحية أكثر. ويصعب تجاهل توصيات الجماعات الدينية الإسلامية، ويمكن أن تكون الرجم بالحجارة.
وفي واحدة فقط من حالات "الربيع العربي"، "حصلت" الأقلية المالية الغربية على مئات ملايين الدولارات من خلال "تجميد" حسابات الأنظمة التي أطيح بها في تونس، ومصر، وليبيا، وغيرها من الدول. وكم كان يمكن "الحصول" عليه من خلال إستغلال موارد "الخلافة" دون رقابة، كي تصورها بالمخيفة. وفي هذه الخطة يتمتع النفط الذي يستخرجونه بكثرة في الشرق الأدنى، بأهمية فائقة خاصة.
وسنتحدث عن بعض خصائص هذا السائل الأسود اللزج.
فالقضية بأن المنتجات النفطية تتميز عن الغاز وتحتاج لتشييد بنية تحتية هندسية معقدة، وتستعمل هذه البنية التحتية في كل دول العالم دون استثناء، بغض النظر عن الحالات الجوية، ومستوى تعليم السكان، ومستوى التطور الاقتصادي. فالنفط، يعتبر معادل القيمة الشامل في العلاقات الدولية. وهذه هي الأهمية الرئيسية له. ويعتبر دولار الولايات المتحدة الأمريكية عملة صعبة دولية، تنتج في أماكن خاصة جداً تابعة لصندوق الاحتياطي النقدي. ويجب أن تكون هناك علاقة مباشرة بين دولار الولايات المتحدة الأمريكية والنفط وهذه العلاقة موجودة.
وإذا كان صندوق الاحتياطي النقدي لا يريد فقدان سيولة الأوراق التي يقطعها، وينوي الإستمرار باستخدامها بدقة كعملة صعبة دولية، فهذا يعني أنه ضروري من أجل دولة كالولايات المتحدة سيطرت على استخراج النفط وفق مقاييسها، وهذا يعني حتى ليس إستخراجه فقط، بل وشراءه وبيعه. ولهذا بقناعة واشنطن، أن أي قائد يشكك بصواب تبادل النفط بالدولار، يجب معاقبته.
وتتمتع أسعار النفط بأهمية خاصة جداً من وجهة نظر السيطرة على استخراج وتجارة نفط بلدان الشرق الأوسط. وأسعار النفط في الأسواق تحدد من خلال نوع Dubai، ومستخرجي النفط في العالم الإسلامي هم: العربية السعودية، وإيران، والكويت، والعراق، والإمارات العربية المتحدة، وليبيا، وقطر. وبعض هذه الدول لم تخرج أبداً من تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بعض "الأغنام الضائعة" خرجت، وتم إعادتها إلى القطيع. ويجب إعادة بعضها إلى "القطيع" وخاصة إيران.
ومن الضروري فهم فارق بسيط. بأن الولايات المتحدة لا تكسب من تجارة النفط، بل هي (وبالضبط صندوق الاحتياطي النقدي الذي هو تحت سيطرة إدارة واشنطن) تكسب من خلال تداول الدولار. ويجب توفير سيولة عالية وقيمة مادية للدولار، ويتمتع بالأهمية الأفضل بينها النفط والهيرويين. وآلاف العسكريين من قوة التدخل السريع في الجيش الأمريكي موجودون في أفغانستان، ولهذا السبب بالضبط السيطرة على إنتاج الهيرويين في العالم، وليس بمشاركة الأفغان وبأية ديمقراطية كانت هناك، وكانت، وستكون.
والآن يجب أن نوجه هذه الأسئلة: ألا تعتبر خطط حكومة الولايات المتحدة الأمريكية عالمية ؟ (بالطبع إلى جانب صندوق الاحتياطي النقدي) فهي عالمية جداً،  وعلى هذا السؤال يمكن الإجابة هكذا، إذا كان هناك من يسيطر على العملة الصعبة العالمية، فاستراتيجيته يجب أن تكون هكذا، وهذا يعني استراتيجية كونية، ويا للحسرة هي ليست هكذا.
لننظر إلى بعض الحقائق.
وعلى سبيل المثال، لماذا أحدثت قيادة لقوات الولايات المتحدة الأمريكية المسلحة الإفريقية (!) في عام 2008، ومناطق مسؤولية هذه القوات تشمل كل القارة "السوداء" ؟ حتى بيتر فام، مستشار إدارة الدولة في الولايات المتحدة الأمريكية، وزارة الدفاع، أكد على أن الهدف الإفريقي هو حماية وصول الولايات المتحدة الأمريكية إلى الأوغلوفودورد الإفريقي.
ولكن لماذا إهتمت إدارة بوش الابن في كل الأوقات بقضية الوصول للنفط الإفريقي ؟ وهل هناك من يمتنع عن بيع هذا السائل إلى الإتحادات الأمريكية ؟ وطبعاً لا. فالسيطرة على النفط الإفريقي أخذ يخرج من أيدي الولايات المتحدة الأمريكية بسبب ظهور لاعب جديد على القارة السوداء، وهو الصين، وأصبح الموردين الأساسيين للنفط الإفريقي: السودان، والكونغو، وأنغولا. ولهذا حصل في السودان إنقسام في البلاد وإنفصلت مناطق إنتاج النفط في الجنوب، وحتى في أنغولا أحد أضخم مصدري النفط إلى الصين، لم تصل أيدي الولايات المتحدة الأمريكية إليها بعد. وكم بقي لأن يفعل الناس في واشنطن ذلك !
فالولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى السيطرة عالمياً على النفط. ومن هنا يفهم بالكامل، لماذا قادة مثل أوغو تشافيز استدعى كراهية مسعورة من قبل إدارة واشنطن. والمشكلة هي ليست بأن فنزويلا تنتج الكثير من نواقل الطاقة، لتصبح مستقلة فعلاً. فالمشكلة بأن أوغو تشافيز بنى علاقات جيدة مع روسيا والصين، وهذا سيء جداً من وجهة نظر الطرف الآخر، الذي يسعى من أجل دس أصابعه في كل الطنجرة.
فما اللذي وعد به في وقته القائد الفينزويلي المنافس كابريليس ؟ فقد هدد كابريليس بإلغاء واردات الأسلحة الروسية، وهدد بالنظر في العقود النفطية أيضاً، وطبعاً عقود روسيا، والصين. وطبعاً في "وقتها" توفي أوغو تشافيز بالسرطان...
ونعود لموضوع المقالة. فما هي اسباب الصراع السوري ؟ ونكرر مايلي: ليست للأحداث الدائرة في سورية أهمية خاصة. ونحصل على بعض التفسيرات فقط من خلال خطط واشنطن (صندوق الاحتياطي النقدي) لوضع العالم الإسلامي تحت السيطرة من خلال توفير قيم مادية لسيولة الدولار.
فالرؤساء يأتون ويغادرون البيت الأبيض، وتبقى أفضليات السياسة الأمريكية مستقلة. لماذا ؟ لأنها من أفضليات صندوق الاحتياطي النقدي.
ولماذا تكافح واشنطن من أجل السيطرة على إنتاج وتجارة النفط العالمي، وإزداد هذا الكفاح بقوة خلال السنوات العشر الأخيرة ؟ ومن أجل الجواب على هذا السؤال من الضروري الأخذ بعين الإعتبار الأوضاع التالية:
كيف تطرح نفسها الولايات المتحدة اليوم ؟
فهذه الدولة فقدت منذ زمن بعيد أهميتها البيضاء كأضخم بلد صناعي في العالم. ولاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية اليوم طبيعة طفيلية وخدمات، ولا يسكن الولايات المتحدة الآن عمال المعادن، بل كتبة، وسماسرة، ومسوقين، وغيرهم. ونجاح الولايات المتحدة لم يعد يرتبط بإنتاج الفولاذ، والإسمنت، والسيارات، والثلاجات، والبناطلين، وهذا يعني إنتاج البضائع، بل يعتمد على دور الدولار. ولهذا كانت ردة فعل واشنطن (صندوق الاحتياطي النقدي) عصبية على ظهور قادة قوميين أقوياء في الدول المنتجة للنفط، ويمكن لمثل هؤلاء القادة أن يضعوا الأمن المادي لـUSD تحت التساؤل.
ففي سورية لا يستخرجون الكثير من النفط. ومع ذلك وحسب "الترتيب" الأمريكي يجب (من وجهة نظر واشنطن) أن يلتزم الجميع بهذا الترتيب دون إستثناء.))
كونستانتين أليكساندروفيتش بينزيف، كاتب ومؤرخ، ومعلق المجلة الإلكترونية "التحليلات الشرقية الجديدة". 1/7/2013

ترجمها عن اللغة الروسية وعلق عليها أ.د. محمد البخاري في طشقند بتاريخ 27/12/2014 نقلاً عن مركز آسيا والتحليلات الشرقية الجديدة، في شبكة الإنترنيت، الرابط: http://www.centrasia.ru/newsA.php?st=1372766820




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق