الأحد، 6 مارس 2016

في ذكرى رحيل الناقد في الفنون التشكيلية السوري طارق الشريف


تحت عنوان "صمت لا يليق بصاحبه.." منذ فترة قريبة أعيد نشر مقالة للناقد السوري سعد القاسم، على صفحات الشبكة العنكبوتية يوم 19/2/2013 في ذكرى رحيل المثقف والناقد في الفنون التشكيلية والشخصية الإجتماعية السورية الكبيرة الأستاذ طارق الشريف، وجاء فيها:


بصمت رحل طارق الشريف .. وهو الذي كان صوته يصدح في المشهد التشكيلي السوري والعربي .. صمتٌ هو النقيض المطلق لحيوية ملأت معارض وملتقيات الفن التشكيلي..
لم ينشر عنه ولو مجرد خبر صحفي وقد كانت كتاباته الصحفية شاغلة التشكيليين ومالئة فضائهم..
وكثيرون من معارفه وأصدقائه لم يعلموا برحيله حتى بعد انتهاء مراسم العزاء، فيما القلة القليلة عرفت ذلك عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت..
لكن فضل (الشبكة العنكبوتية) لم يكتمل ففي البحث ضمن أربعين صفحة تحمل اسم طارق الشريف على موقع (غوغل)، لن تجد عن الناقد التشكيلي العربي الشهير سوى ما يتعلق بحفل تكريمه الذي أقامه قبل عامين، مركز أدهم إسماعيل بمناسبة مرور الذكرى الخمسين لتأسيس المركز الذي كان طارق الشريف أحد أهم مديرية، أما معظم الأربعين صفحة فقد شغلت بأخبار أشخاص يحملون الاسم نفسه، يتقدمهم مغني شعبي، فلاعب كرة قدم، فطبيب أردني أقدم على قتل زوجتيه الاثنتين..
ولد طارق الشريف في دمشق عام 1935 ودرس الفلسفة في جامعتها حيث تعلق بالدراسات الجمالية والفنية، وتابع آراء كبار الفلاسفة في مجال علم الجمال والنقد الفني أمثال (كانت) و(هيغل) و(سارتر)، وفي الوقت ذاته، تابع المعارض الفنية المحلية، وأقام صلة وثيقة مع عدد من الفنانين التشكيليين السوريين أصحاب التجارب المميزة ومنهم الأخوان أدهم ونعيم إسماعيل، وعبد القادر أرناؤوط، ومروان قصاب باشي. فبدأ يكتب عن تجاربهم بتطبيق الدراسات النظرية على لوحاتهم وينشر مقالاته وترجماته في صحيفة "الوحدة" التي كانت تصدر في دمشق زمن الوحدة مع مصر (صحيفة "الثورة" حالياً) والتي حقق فيها سابقة غير مألوفة حين خصصت له صفحة كاملة لندوة أعدها عن معرض الخريف، المعرض الرسمي الذي كان يقام في دمشق سنوياً، والذي تولى فيما بعد مسؤولية إدارته في ذروة تألق الحياة التشكيلية السورية..
في عام 1959 نال درجة الإجازة في الفلسفة، وفي العام التالي عمل في وزارة الثقافة المؤسسة حديثاً ليبقى فيها حتى تقاعده عام 2001، وفي مرحلة تالية تركز اهتمامه حول الاتجاهات الراهنة في الفن التشكيلي السوري (أواخر الستينات) وسعي التجارب الرائدة للموائمة بين التأثيرات الغربية المعاصرة، والإرث الفني المحلي، وتجلى هذا في كتابه (عشرون فناناً من سورية) الذي أنجزه عام 1969 والصادر عن وزارة الثقافة عام 1972 متضمناً مقالات عن عشرين فناناً كتبها بين عامي 1967 و1968. وفي الوقت ذاته تابع بحثه حول بدايات الفن التشكيلي السوري الذي أسس لمحاولته الرائدة تأريخ هذا الفن، والتي نشرها في مطلع الثمانينات فكانت مستنداً لكثير من الأبحاث والدراسات التي جاءت بعده، ومنها كتاب (الفن التشكيلي المعاصر في سورية) الذي أصدرته (صالة أتاسي) عام 1998 وأثار اهتماماً واسعاً في الوسط التشكيلي..
عام 1965 تولى إدارة مركز أدهم إسماعيل للفنون الجميلة، وعلى مدى عشر سنوات استطاع أن يجعل منه حاضنة للمواهب الشابة التي اكتسبت فيه المعارف التقنية، ونمو مواهبها الإبداعية، وثقافة فنية هامة بفضل المحاضرات التي قدمها للطلبة عن المدارس الفنية. وإثر رحيل الفنان نعيم إسماعيل تولى مهام مديرية الفنون الجميلة في واحدة من أزهى مراحل الحياة التشكيلية السورية حين كانت السيدة الدكتورة نجاح العطار ترأس وزارة الثقافة، وقُدّم للفن التشكيلي دعم واسع واهتماماً كبيراً. فكان أن وصل المعرض السنوي إلى ذروة تألقه وترجمته للمشهد التشكيلي الإبداعي السوري، وكان أن اتسعت حركة المعارض والملتقيات والاقتناء، وكان أن صدرت فصلية (الحياة التشكيلية) التي قامت بشكل مطلق على جهده الشخصي كرئيس تحرير لها، والتي نالت سمعة عطرة على امتداد الوطن العربي..
إلى جانب عدد يصعب حصره من المقالات والبحوث والدراسات وقد نشر عدداً من الكتب، كان أخرها قبل سنتين عن الفنان لؤي كيالي وقد قمت بتدقيقه بتكليف من أمانة دمشق عاصمة الثقافة العربية بسبب الظرف الصحي الصعب للراحل حينذاك. أما آخر ظهور رسمي له فكان في حفل تكريمه في مركز أدهم إسماعيل، وفيه قال: ان عدم وعينا لأهمية تراثنا سيجعل هذا التراث غريباً عنا، وعدم القراءة الجديدة له عبر واقعنا الراهن سيفسح المجال أمام التشويه المضر بمستقبلنا الإبداعي وبهويتنا الأصلية، فالمرحلة الراهنة للأمة العربية تتميز بوجود غزو ثقافي يستهدف الوجود ما يستدعي من الفن الحقيقي أن يكون شاهداً على عصره، ومسؤوليات الفنان العربي حيال ذلك كثيرة جدا..
*****
ولابد من أن أضيف أني تعرفت على هذه الشخصية البارزة بمجال نقد الفنون الجميلة في سبعينات القرن الماضي، وشجعني على نشر مقالة عن تطور الفنون الجميلة في جمهورية أوزبكستان على صفحات (الحياة التشكيلية). ولم أزل أذكر خلال تلك الفترة ما لمسته من خلال النقاشات التي دارت بيننا في مبنى مديرية الفنون الجميلة القريبة من الجسر الأبيض في دمشق الحب، وفي عدد من مقاهي المدينة مدى حرصه على نشر الثقافة الفنية التشكيلية العالمية، وتشجيعه للفنانين التشكيليين الشباب وإبراز مواهب الفنانين التشكيليين وتسليط الضوء على الموهوبين منهم وتأريخ تطور حركة الفنون الجميلة في سورية، وتقديم الخبرات الفنية التشكيلية العالمية على صفحات المجلة. ولم أزل أذكر تشجيعه لإبني الطفل فراس البخاري وتنظيم معرض للوحاته التشكيلية في مركز أدهم إسماعيل وهو الذي بدأ إهتماماته الفنية في المركز بإشراف الفنان التشكيلي السوري خليل عكاري ومن ثم تابع إهتماماته الفنية في ثمانينات القرن الماضي بمدرسة الفنون بطشقند في ثمانينات القرن القرن الماضي. وأضم صوتي لكاتب هذه المقالة المعبرة سعد القاسم، وأقول أن الحركة الثقافية السورية وعلى رأسها وزارة الثقافة ظلمت هذا الناقد الكبير ولم تعطه حقه الذي يستحقة لجهودة التي لا أظن أن المهتمين بتاريخ حركة الفنون الجميلة السورية، والفنانون التشكيليون والناقدون في العالم العربي سينسون جهوده الكبيرة والنيرة. رحمك الله وأسكنك فسيح جناته يا طارق الشريف.
*****
وفي هذا الإتجاه أضيف المقالة التي كتبها الناقد محمد سمير طحان تحت عنوان "الناقد سعد القاسم: ميزة النقاد التشكيليين السوريين أنهم على درجة عالية من الثقافة الفنية" ونشرتها وكالة أنباء سانا بتاريخ 4/2/2016 وجاء فيها:

قراءات في النقد التشكيلي السوري كانت عنوان الندوة التي أقامها اتحاد الفنانين التشكيليين في صالة لؤي كيالي بالرواق العربي ضمن أنشطة الأربعاء الثقافي الذي يقيمه الاتحاد أسبوعيا.
وبين الناقد التشكيلي سعد القاسم خلال الندوة أن النقد الفني في سورية بدأ مترافقا مع الشكل المعاصر للفن التشكيلي لدينا في مطلع القرن العشرين مع الفنان توفيق طارق رائد التشكيل السوري المعاصر مع وجود مهم للفنان ميشيل كرشة حيث كان هناك الكثير من الحوارات والسجالات التشكيلية في تلك الفترة ولكنها لم تدون ووصلت إلينا من ذاكرة التشكيليين الرواد.
وأضاف القاسم.. “مع بدايات التشكيل السوري كان هناك سجال حاد بين تيارين تشكيليين تمثلا في الواقعية الكلاسيكية التسجيلية التي اعتبرها روادها أمثال توفيق طارق ومحمود جلال وناظم الجعفري بانها الفن التشكيلي الحقيقي وبين رواد تيار الفن التجريدي أمثال ميشيل كرشة ومن أتى بعده من الفنانين الذين يرون ان الفن حالة إبداعية ورؤية خاصة للواقع وليس توثيقا له.
وأوضح القاسم أنه تم افتتاح جناح الفن التشكيلي الحديث في متحف دمشق الوطني وكان أول خطوة لتوثيق الفن التشكيلي السوري لافتا إلى أن مدير الآثار والمتاحف في ذلك الوقت سليم عادل عبد الحق قدم الكثير من الكتابات والمقالات النوعية في الفن التشكيلي وبالفترة ذاته كان هناك نصوص تشكيلية مهمة للأديب صدقي إسماعيل ما فتح أفقا متطورا من خلال التعامل مع العمل الفني بمفهوم الفن والجمال وليس بمفهوم الفكرة.
ومن الأسماء التي قدمت مساهمات في النقد التشكيلي بحسب القاسم كان الدكتور عفيف بهنسي المتخصص بعلم الجمال والتشكيلي محمود حوام الذي تحدث في النقد الفني واستطاع إيجاد حالة فنية ومعرفية مهمة بين الفنانين التشكيليين السوريين.
وأكد القاسم أن كتابات الناقد طارق الشريف تعتبر مرحلة مهمة في تاريخ التشكيل السوري حيث تميز بمرافقته لجيل ما بعد الرواد من بداية عملهم وتردده إلى مراسمهم واستمر في عمله واطلاعه على التجارب التشكيلية المتنوعة إلى مراحل متأخرة ما جعل منه حالة ذاكرة لفننا التشكيلي.
وبين القاسم أن ما ميز النقاد التشكيليين السوريين أنهم كانوا على درجة عالية من الثقافة الفنية ومنهم الدكتور عبد العزيز علون كما أن أغلب من قدم نتاجا في النقد هم فنانون تشكيليون أمثال غازي الخالدي وأسعد عرابي وغازي عانا وأنور الرحبي وممدوح قشلان ونذير نبعة وعصام درويش وأكثم عبد الحميد وطلال معلا واحمد معلا وعبد الهادي شماع كما قدم التشكيلي محمود حماد كتابا مهما عن التشكيلي نصير شورى ويعتبر التشكيلي عز الدين شموط باحثا تشكيليا مهما بما قدمه من نصوص بحثية من أهم ما قدم للمكتبة التشكيلية العربية متجاوزا حالة النقد.
وأشار القاسم إلى أن الاتجاهات النقدية في سورية كانت منقسمة بين القيم الجمالية وقيم العمل الفني إلا أن هذا الاتجاه بدأ بالانحسار مع توجه اللوحة باتجاهات الحداثة وابتعادها عن الموضوع لمصلحة الشكلانية والاهتمام بالحالة البصرية أكثر من تقديم فكر.
ورأى القاسم أن النقد لا يمكن أن يكون سابقا على الإبداع ولا يحق للناقد أن يقول للفنان ما عليه أن يقدم من أعمال فنية وتأتي مهمة الناقد بعد انتهاء الفنان من عمله الفني من خلال مناقشته لافتا إلى أن العديد من النقاد حرصوا على تقديم نص نقدي بلغة عالية وصعبة لدرجة وصول هذا النص إلى الجمهور بشكل أصعب من العمل الفني ذاته.
ولفت القاسم إلى أن النقد التشكيلي السوري اليوم يعاني من فقدان جمهوره رغم وجوده في أغلب الوسائل الإعلامية وذلك لعدم تطوره وغياب النقاد الشباب مبينا أن هناك ظاهرة مبشرة أخذت بالتزايد في الفترة الأخيرة من خلال ظهور صحفيين ليسوا من الوسط التشكيلي استطاعوا تطوير ثقافتهم التشكيلية بشكل مهم وساعدوا في التعريف بالفن التشكيلي.
وتضمنت الندوة مداخلات من الحضور تناولت واقع النقد التشكيلي السوري وآفاق تطوره وخاصة مع الحاجة لوجود تعليم أكاديمي للنقد بموازاة التوسع في افتتاح كليات للفنون الجميلة والاهتمام بهذا التخصص الذي يعود بالفائدة على تطوير الفن التشكيلي السوري ويرتقي به وزيادة الثقافة الفنية في المجتمع.

*****

وأضيف المقالة التي كتبها الناقد مازن عباس، تحت عنوان "وداعاً.. طارق الشريف، نعتذر منك أيها «الراحل بصمت «" ونشرتها المحلة الإلكترونية "اكتشف سورية" بتاريخ 24/2/2013 جاء فيها:


» إن عدم وعينا لأهمية تراثنا سيجعلنا غرباء عن هذا التراث، فعدم القراءة الجديدة له عبر واقعنا الراهن سيفسح المجال أمام التشويه المضر بمستقبلنا الإبداعي وبهويتنا الأصلية. إن المرحلة الراهنة للأمة العربية تتميز بوجود غزو ثقافي يستهدف الوجود، ما يستدعي من الفن الحقيقي أن يكون شاهداً على عصره، ومسؤوليات الفنان العربي حيال ذلك كثيرة جداً«.
هذه فقرة من آخر ما قاله الراحل طارق الشريف الناقد والمؤرخ للتجربة التشكيلية العربية عموماً، والسورية على وجه الخصوص. برحيله يوم الثلاثاء 12 شباط 2013، تكون الحركة التشكيلية السورية قد خسرت أحد أهم رجالات الحركة النقدية التشكيلية، وذلك في الوقت الذي انشغلنا به بمفرزات وتداعيات الأزمة التي يعيشها الوطن.
نعم تأخرنا عن نعيك أيها الكبير، كما قال الناقد السوري سعد القاسم عبر صفحته على «فيسبوك»، عندما قال: «بصمت رحل طارق الشريف.. وهو الذي كان صوته يصدح في المشهد التشكيلي السوري والعربي.. صمتٌ هو النقيض المطلق لحيوية ملأت معارض وملتقيات الفن التشكيلي.. لم يُنشر عنه ولو مجرد خبر صحفي وقد كانت كتاباته الصحفية شاغلة التشكيليين ومالئة فضائهم.. وكثيرون من معارفه وأصدقائه لم يعلموا برحيله حتى بعد انتهاء مراسم العزاء، فيما القلة القليلة عرفت ذلك عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت«
ونحن في «اكتشف سورية» نشعر بالخجل في تأخرنا في تكريم «الراحل بصمت»، بعد أن غرفنا من معرفته وكلماته ودراساته ما أغنت صفحاتنا، نعتذر منك أيها الراحل، فقد تركتنا في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى من ينقد الجنون الذي نعيشه، وينقد من نسي أو تجاهل أو تحجج بعدم علمه برحيلك.
ماذا نقول عنك وأنت من تذوق وحلل بعقلانية العارف، فكنتَ المشجع والمهذب والمراقب الحيادي لأعمال الفنانين ولتجاربهم الإبداعية. لقد قمتَ أيها الراحل بتوثيق تجارب أهم التشكيليين السوريين يوم لم يكن هناك تقنيات تساعد على إنجاز مثل هذا العمل المميز، مئات الصفحات كتبتها بخط يدك في نقد الأعمال التشكيلية السورية، ورحلتَ صامتاً بعد مرض طويل، ولم يكلف أحد نفسه ممن كتبت عنهم صفحات عناء كتابة صفحة عنك لحظة رحيلك.
تعرفنا عليك أكثر أثناء تكريمك في مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية بدمشق بتاريخ 5 آذار 2011، عندها قال الجميع: «مرحباً طارق الشريف»، واليوم نقول كلمة «وداعاً طارق الشريف». لقد كنت شريفاً في حياتك، صادقاً في كتاباتك، وتركت لنا ميراثاً له فضله على الحراك التشكيلي السوري المعاصر، ويكفيك محبة الجميع لك في زمن أصبحت المحبة ضائعة في متاهات أزمتنا..
نستذكر أيها «الراحل بصمت» بعض ما قيل عنك:
الدكتور راتب الغوثاني: كتب طارق الشريف في الفن يوم كان الفن التشكيلي ظلاً باهتاً للثقافة السورية كما كان مسجلاً وموثقاً ومتابعاً للتحولات الفكرية والإبداعية عصراً بعصر، إضافة إلى ذلك فقد كتب طارق الشريف بحيوية الأطفال وصبر الشيوخ.. كتب بحب وصدق وإخلاص.‏ ربّى أجيالاً من المشتغلين بالفن ولا يمكن لأي مشتغل بالفن وعلى مدى أجيال إلا وفي مكتبته الكثير مما أنجزه، فقد كتب مقالات في الحياة التشكيلية حررها، أغناها، حماها، صنفها، ورعاها لعقود طويلة واليوم نستخدمها مرجعاً حقيقياً للفكر الإبداعي.. طارق الشريف وجه حاضر في كل تحولات المراحل الفنية، هذا هو طارق الشريف الفنان والناقد والإنسان.
الفنان التشكيلي بطرس خازم: طارق الشريف مجاز فلسفي، وفي الفلسفة يدرسون علم الجمال، ومن هنا استطاع الفنان "طارق" بأن يؤسس فلسفة فكرية أهلته للنجاح الكبير في مجاله، فقد كان مديراً لمركز "أدهم إسماعيل" للفنون، ومن ثم أصبح عميداً لكلية الفنون الجميلة، وكان من مؤسسي مجلة "الحياة التشكيلية" والمنضد الدائم لها لفترة طويلة، لقد كان من التشكيليين المهمين والرائعين في سورية، لما لديه من وثائق فنية في سورية.
الفنانة التشكيلية ريم الخطيب -مديرة مركز "أدهم اسماعيل"- التي سعت لتكريمه في المركز قالت عنه آنذاك: لهذا التكريم أهمية خاصة، وذلك لما للفنان "طارق الشريف" من أهمية نقدية تشكيلية على المستوى العربي والسوري بالتحديد، فهو منذ ستينيات القرن الماضي، مواكب للحراك التشكيلي السوري من خلال المقالات والدراسات العديدة التي أغنت الحركة التشكيلية في سورية، فقد امتاز الناقد "الشريف" بحيادية عالية في تقديم النص التشكيلي النقدي بموازاة اللوحة التشكيلية بكل أبعادها دون الانحياز إلا للجمال وقيمته الحقيقية.
ونذكر أيضاً حديث الفنانة التشكيلية عتاب حريب أثناء تكريم الراحل في مركز أدهم إسماعيل: لقد كان بصمة كبيرة في الفن التشكيلي السوري، وهو من الأشخاص المهمين الذين لعبوا دوراً كبيراً في تنشيط الحركة التشكيلية في سورية، المدهش فيما نقرأ لهذا الرجل أنه كتب بإجادة وإدهاش وبسوية عالية في كل مجالات الفن والجمال، كتب في فن الحفر وفن النحت وفن الإعلان والحداثة والتاريخ وفي الفن الإسلامي وفي فن الجمال. تابع طارق الشريف الكثير من التظاهرات الإبداعية في العالم الحديثة والجديدة ونقلها إلينا مدونة ومقروءة فكانت مرجعاً لنا نحن الذين كبرنا مع كتاباته ورؤاه وإنسانيته.
الأستاذ هشام التقي -مدير مديرية الثقافة بدمشق- قال: لقد كان لهذا الناقد والرائد في حركة الحداثة التشكيلية في سورية دور هام في تنشيط كافة المجالات النقدية وفي تعزيز الحياة التشكيلية في سورية، وقد كان تكريمه في مركز أدهم اسماعيل كهدية من رفاق الدرب وتلاميذه.
الفنان التشكيلي اسماعيل نصرة: اقد كان طارق الشريف كاتب عصري وموسوعي في الفن والجمال والنحت والغرافيك والحياة والحداثة المعاصرة، وحقيقة لم أجد موضوعاً ضعيفاً رغم اختلاف الموضوعات والفنون بل كان في كل ما كتبه راصداً بإجادة بالغة وبخبرة المؤرخ والباحث فجاءت كل هذه المواضيع مرجعاً للدارسين ومتعة للباحثين، وثقافة عميقة لكل الناهلين والمحبين للكلمة والمعنى.
أما الناقد التشكيلي أديب مخزوم فيقول في كتاب "تيارات الحداثة في التشكيل السوري": يوجد أشخاص درسوا النقد أكاديمياً ولكن لم يستطيعوا أن يوجدوا شيئا جديداً، أما طارق الشريف رئيس تحرير مجلة الحياة التشكيلية (سابقًا) لم يدرس النقد، ومع ذلك يعتبر من أهم النقاد التشكيليين العرب، ولقد ترأس تحرير المجلة على مدى أكثر من ربع قرن وهي تابعة لوزارة الثقافة.
طارق الشريف في سطور:
مواليد دمشق 1935
إجازة في الفلسفة من جامعة دمشق 1959
عمل مديراً لمركز أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية بين عامي 1965-1975
عمل مديراً للمركز الثقافي بأبورمانة ومديراً للفنون الجميلة
من أهم مؤلفات طارق الشريف:
عشرون فناناً من سورية، 1970
الفنان بول سيزان، 1985
الفنان نعيم إسماعيل "قصة في لوحات"، 1977
الفن واللافن، 1983
الفنان فاتح المدرس "فن حديث بروح تعبيرية"، 1992
الفن التشكيلي المعاصر، 1997
خمس فنانين من سورية، 1996
أسهم في تأليف كتاب الفن التشكيلي المعاصر في سورية، عام 1998

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق