الجمعة، 31 مارس 2017

الإسماعيليون تاريخهم وعقائدهم

تحت عنوان "الإسماعيليون: تاريخهم وعقائدهم" نشرت جريدة الغد الأردنية يوم 14/3/2014 مقالة جاء فيها:  الإسماعيليون ثاني أكبر جماعة شيعية في العالم الإسلامي بعد الاثنا عشريين. إذ يقدر عددهم اليوم بحوالي 12 مليونا، ينتشرون في أكثر من 25 بلدا في آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا. وقد بدأوا في السنوات الأخيرة يتواصلون مع العالم ويعرفون بأنفسهم. ويعد مركز الدراسات الإسماعيلية في لندن أهم مركز للنشر والدراسات حول الإسماعيلية، وقد أصدر كتاب "الإسماعيليون: تاريخهم وعقائدهم"، تأليف فرهارد دفتري؛ والذي يعتبر، كما يقول الناشر، أول تأليف شامل عن الإسماعيليين؛ تاريخهم وتطور عقائدهم. وقد ترجم الكتاب إلى العربية، ونشر بالمشاركة مع دار الساقي (2012).
أقام الإسماعيليون دولتين مهمتين في التاريخ الإسلامي: الفاطمية والنزارية (آلموت). لكنهم لم يظفروا بأي ظهور سياسي منذ تدمير دولتهم وقلاعهم على يد المغول (1256م)، ودخلوا في مرحلة طويلة من السرية والاضطهاد حتى منتصف القرن الثامن عشر، عندما ظهر أئمتهم إلى العلن، وشاركوا في أحداث سياسية مهمة في إيران والهند، واكتسبوا شهرة عالمية فيما بعد بلقبهم الوراثي الآغا خان.
ابتدأت الإسماعيلية مجموعة شيعية مستقلة بعد وفاة جعفر الصادق العام 756م. وضمت المجموعة التي تؤيد إمامة اسماعيل بن جعفر الصادق. وتعتبر الفترة الممتدة بين نشأة الإسماعيلية في منتصف القرن الثامن الميلادي/ الثاني الهجري وحتى تأسيس الدولة الفاطمية (297هـ/ 909م) فترة غامضة، ما تزال المعلومات عنها قليلة. وكان الإمام جعفر الصادق قد نص على الإمامة بعده لابنه إسماعيل، لكنه توفي قبل والده (حسب أغلب المصادر التاريخية). وطبقا للرواية الإسماعيلية، فإن الإمام بعد محمد بن اسماعيل هو ابنه عبد الله الذي أمضى حياته متخفيا عن العباسيين، ولم يكشف هويته ومكان إقامته إلا لعدد قليل من الموثوقين. وقد أقام فترة من الزمن في السلمية في سورية، متظاهراً بأنه تاجر، وتوفي فيها. وخلفه ابنه أحمد، مؤلف "رسائل إخوان الصفا"، ثم ابنه عبد الله المهدي، مؤسس الدعوة والدولة الفاطمية/ المهدية.
وفي هذه الفترة انتشرت الدعوة الإسماعيلية على يد الدعاة والعلماء والنشطاء الإسماعيليين في أنحاء واسعة من العالم الإسلامي، وبخاصة في خراسان وما وراء النهر، وحققت حضورا مهما في بلاط الدولة السامانية في بخارى )أوزبكستان(. وقامت الدولة الفاطمية في المغرب العام 909م (297هـ)، وهي أهم مشروع سياسي للإسماعيليين؛ فقد أقاموا امبراطورية واسعة ممتدة مزدهرة، عنيت بالفكر والعلم والعمارة والتجارة والزراعة.
بعد وفاة الحاكم بأمر الله (1020م)، استقلت مجموعة كبيرة من الإسماعيليين في بلاد الشام بنفسها، تحت قيادة كبير الدعاة لدى الحاكم؛ وهو حمزة الدرزي، وصاروا يسمون الدروز. وبعد وفاة المستنصر (1094م)، انقسم الإسماعيليون إلى مجموعتين: النزارية أتباع نزار بن المستنصر، والمستعلية أتباع المستعلي بن المستنصر.
وقد لجأ النزاريون إلى قلعة آلموت، وأقاموا من هناك شبه دولة قوية منيعة، تتخذ من القلاع محطات ومراكز للدفاع ونشر الدعوة. وظلت هذه الدولة قائمة حتى اجتاحها المغول. لكن الإسماعيليين النزاريين تمكنوا من البقاء والاستمرار بعد الاجتياح المغولي للعالم الإسلامي (1256)، ودخلوا في مرحلة من السرية والتقية. وتعتبر فترة القرنين التاليين للغزو المغولي الأكثر غموضا في التاريخ الإسماعيلي؛ فقد تطورت الجماعات الإسماعيلية مستقلة عن بعضها، ثم ظهر الأئمة النزاريون في منتصف القرن الخامس عشر في أنجدان بإيران. وفي القرن التاسع عشر، لجأ إمام النزارية إلى الهند، وصار يعرف بالآغا خان. وما تزال إمامة الإسماعيليين قائمة علنا في مومباي في الهند، وإمامهم الحالي هو الآغا خان الرابع كريم علي.
في ظل الدولة الفاطمية، بدأت عمليات بناء الأسس الفكرية والعلمية للمذهب الإسماعيلي. ويعتبر القاضي النعمان الفقيه الإسماعيلي الرئيس. وكتابه "دعائم الإسلام" كان يعتبر التشريع الرسمي للدولة الفاطمية، والمصدر الأساسي للفقه الإسماعيلي.
وتعتبر أركان الإسلام في الإسماعيلية سبعة، هي بالإضافة إلى الأركان الخمسة لدى أهل السنة (الشهادتان، والصلاة، والصوم، والحج، والزكاة): الولاية (تسمى لدى الشيعة الإمامة)، والطهارة. ويدور الخلاف بين الإسماعيليين (ومعهم الشيعة) وبين السنة حول الإمامة؛ فهي بالنسبة للشيعة المرحع النهائي لتفسير الإسلام، والإمام عند الإسماعيليين هو المفسر الذي يؤول المعنى الباطني للقرآن والشريعة. وتعتبر آراء وتفسيرات الإمام هي المصدر الثالث للفقه بعد القرآن والسنة، ولم يقبلوا بالإجماع والقياس، وهما المصدران الثالث والرابع لدى أهل السنة
أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري. طشقند 2014

الثلاثاء، 21 مارس 2017

نص كلمة التهنئة التي وجهها الرئيس شوكت ميرزيوييف إلى الشعب الأوزبكستاني بمناسبة عيد النوروز


طشقند 21/3/2017 ترجمها وأعدها للنشر أ.د. محمد البخاري. تحت عنوان "كلمة تهنئة بالعيد من الرئيس شوكت ميرزيوييف للشعب الأوزبكستاني" نشرت الخدمة الصحفية بوزارة الشؤون الأجنبية بجمهورية أوزبكستان يوم 20/3/2017 النص الكامل للكلمه وجاء فيها:
المواطنون الأعزاء!
على أرضنا الخصبة نحتفل معاً بقدوم الربيع الذي طال إنتظاره وبالعيد الرائع والمحبوب للجميع عيد النوروز.
 ومن كل قلبي أهنئ وبصدق كل سكان بلادنا بهذا العيد الرائع، العام الجديد وفق التقويم الشرقي.
وفي هذه الأيام المشرقة أتمنى لكم جميعاً أعزائي الصحة الجيدة والسعادة والحظ السعيد والسلام  والرفاه.
أصدقائي المحترمين!
في هذا العام يجري عيد النوروز في جميع مدن وقرى بلادنا كإحتفال شعبي عام، وهو ما يعطيه دفقة خاصة وجمال.
وجوهر وفلسفة النوروز جاءت في الأفكار الطيبة وأهداف عام الحوار مع الشعب ومصالح الإنسان.
وشعبنا كله يهنئون بعضهم البعض، ويحتفلون بالنوروز بمشاعر عالية مشتركة وسعادة في كل مكان، في الوديان الواسعة وعلى سفوح الجبال، وفي البساتين والحدائق المزهرة. ويعدون السوملاك، وغيرها من الأطباق الربيعية، وتجري النزهات والإحتفالات بالعيد.
والناس يشكرون العلي القدير على الأيام السلمية، ويظهرون لبعضهم البعض طيبة خاصة وإحسان، وكرم وسخاء، ويزورون أصحاب اللحى البيضاء المحترمين والأمهات، وكل من يحتاج للمساعدة والدعم، ويقومون بأيام العمل التطوعية، ويقدمون إسهاماتهم لتحسين الأحياء، وبلادنا بالكامل. وفي جوهر مثل هذه الأعمال الطيبة الفكرة العميقة للنوروز.
أبناء بلدي الأعزاء!
اليوم فلاحونا ومزارعونا المهرة بآمال وخطط كبيرة يبدأون موسم الزراعة الجديد. ونحن بصدق نهنئهم ومن صميم القلب نتمنى لهم أن يكون هذا العام للجميع عندنا ناجحاً ومزدهراً، وبمحصول وفير.
 النوروز في الحقيقة أحب عيد لكل من يعيش في بلادنا من ممثلي مختلف القوميات والشعوب، وكل شعبنا متعدد القوميات.
واليوم نحتفل بهذا العيد الرائع، ونتمنى لكل شعوب الدول الأجنبية القريبة والبعيدة السلام والهدوء، والإزدهار والتقدم.
أبناء بلدي المحترمون!
مرة أخرى أهنئكم جميعاً بالعيد الرائع النوروز وأعبر لكم عن أفضل تمنياتي القلبية.
وليأتي النوروز لأرض وطننا بالسلام والخير، والسعادة والكفاية والرخاء!
ولتكون السعادة والأيام المشرقة في كل أسرة، وفي كل بيت!
ولتتحقق كل آمالنا ومساعينا الطيبة!
ولتبقى دائماً فوق بلادنا سماء صافية!
أهنئكم بعيد النوروز، أعزائي!
شوكت ميرزيوييف،
رئيس جمهورية أوزبكستان









السبت، 18 مارس 2017

تشكيل علي هولا في ذكرى رحيله..فنان الضوء والإيقاع اللونـي النابـض

تشكيل علي هولا في ذكرى رحيله..فنان الضوء والإيقاع اللونـي النابـض
طشقند 18/3/2017 أعدها للنشر أ.د. محمد البخاري. تحت عنوان "تشكيل .. علي هولا في ذكرى رحيله..فنان الضوء والإيقاع اللونـي النابـض.." نشرت صحيفة الثورة الدمشقية في زاويتها "ثقافة" يوم الجمعة 17-3-2017 مقالة كتبها: أديب مخزوم، وجاء فيها:


تمر الذكرى السنوية الرابعة عشرة لرحيل الفنان التشكيلي علي هولا، وتبقى لوحاته، التي أبرز من خلالها، قدرة على التنويع والتفاعل، مع بعض الاتجاهات الفنية الحديثة، في ذاكرتنا، ولقد تميز بغزارة الانتاج، رغم رحلة حياته الفنية القصيرة (1970- 2003) ولا نزال نشاهد له لوحات جديدة، لم تكن معروفة، على صفحته، التي تشرف عليها أسرته.


ولقد قدم في بعض لوحاته، الأشخاص في فضاء المنظر الطبيعي، بأسلوب تقني لافت، واستخدم اللطخات اللونية السميكة، وبالتالي تعامل مع الأشكال على أنها غير ثابتة، وأنه يمكن تعديلها، بحيث تستجيب للرؤى الفنية الحديثة، بعيداً عن الصياغة الواقعية التقليدية، فالتأليف كان يخرج من مشاعره وأحاسيسه ورؤاه الفنية، مركزاً لإبراز الإيقاع اللوني والغنائية التعبيرية، والموسيقا البصرية التي كانت إحدى ثمرات بحثه التشكيلي الذي توصل إليه، على الصعيدين التكويني والتقني.‏‏



حركات الأشخاص‏‏
والمعرض الذي رأيناه قبيل رحيله بفترة قصيرة، بدا مشغولاً بانفعالية بارزة، ورغم تعبيريته الصارخة في بعض اللوحات، وجدنا لوحات أخرى واقعية مشغولة بأعصاب هادئة، تخفف من انفعالية ذلك الحضور اللوني العفوي، المسيطر على بقية لوحاته. فقد كان أكاديمياً متحرراً، وملوناً جريئاً، وعارفاً لأبجدية وجماليات الفن الحديث. كان فنان الطرب والإيقاع اللوني، كما كان وقبل أي شيء آخر، الفنان الذي يمتلك حساسية خاصة، في معالجة حركة الأشخاص، في فضاء المنظر الخلوي، وضمن مناخ لوني وتشكيلي مميز وخاص.‏‏ 



ورغم كل العفوية والانفعال الذي رأيناه في بعض لوحاته، بقي اهتمامه منصباً على إبراز التناسب والتناسق في شخوص لوحاته، وكان يتنقل بين الدقة الواقعية، وبين العفوية التعبيرية، ولوحاته تشدنا ليس بموضوعها المحبب فحسب، وإنما بمعالجتها التقنية العفوية، التي تجعل لمسات اللون متراقصة في فضاء المشهد، لاسيما حين كان يتجه لإضفاء حركات لونية مصاغة بحرية ومجسدة بالإحساس مباشرة، وبالتالي فهذه الحركات السريعة، التي تحدد عناصر الطبيعة والأشكال الإنسانية والزهور وغيرها، تبدو غنية بعجينتها وبتعبيريتها ومكثفة بالأحاسيس العميقة وإيحاءات المد الانسيابي، الذي يلغي الثرثرة التفصيلية، على حساب إظهار حداثة المناخ التكويني والتلويني.‏‏


هكذا نقع في لوحاته على أسرار ومكامن المشهد، حيث كان يختبره ويبدل في وضعياته وإضاءاته وطرق معالجته، من منطلق الحفاظ على الخط الأسلوبي، وكل ما تستلزمه اللوحة الناضجة من توازنات في التأليف والتلوين، وهو في تنقله من لوحة إلى أخرى كان يتجنب أسلوب القفز أو الانقلابات المفاجئة، إن كان لجهة معالجة اللون أو لجهة صياغة الخطوط والظلال الملونة.‏‏


وإذا كانت الاتجاهات التعبيرية والوحشية لما بعد غوغان وماتيس وفلامنك ودوفي.. قد قدمت له الحرية التعبيرية في معالجة اللمسة الغنائية، فإن المناخ اللوني الشرقي قدم له الوهج والبريق والإشراق الضوئي.‏‏


فقد كان بمثابة الزاهد المأخوذ ببريق الألوان المحلية والأجواء الشرقية التي بلورت تلقائيته وعفويته، وساعدته على تحقيق الانفلات المبكر من قيود المنظور التسجيلي التقليدي، فاللون الحار على سبيل المثال كان يضعه على سطح اللوحة بعنف تلقائي واضح، الشيء الذي يؤكد نبض الحياة الشرقية التي تعصف وبشكل ملتهب في لمساته اللونية بحركاتها العنيفة والصارخة.‏‏


 التقاء وافتراق


ولقد أفسحت له دراسته الأكاديمية في كلية الفنون الجميلة، المجالات الشاسعة لرحلة الكشف التلقائي عن الأفكار التشكيلية، التي كانت تحمل تطلعات الحداثة، ضمن إطار الواقعية التعبيرية أحياناً والواقعية الانطباعية أحيانا أخرى، وحيث استعاد في لوحاته مجد اللمسة اللونية التلقائية والعفوية، وتوصل إلى لونية محلية متوهجة ومختزنة في ذاكرته البصرية، وكان همه في جميع مراحله البحث عن البحور اللونية الشرقية، وهنا تبرز نقاط الالتقاء والافتراق عن المناخ اللوني الأوروبي.
‏‏

 هكذا ازدادت قناعته يوماً بعد آخر، بضرورة التعلق بالوهج اللوني الموجود في حياتنا اليومية أو في المشهد المحلي العام. وهو في لوحاته يبقى على ارتباط بالواقع والصورة حتى حين يصل إلى حدود التبسيط والاختزال والاختصار. وفي جميع مراحله الفنية بقيت الطبيعة المحلية مطبوعة في مخيلته وظاهرة في لوحاته، فهو لم يقدم لنا لوحات تجريدية أوروبية، وإنما قدم لوحات مرتبطة بهاجس بيئوي وتطلع حيوي نحو الاستعانة بالطبيعة والبيوت والمرأة السورية.‏‏


 واهتم الراحل علي هولا في إبراز الضوء، بعيداً عن توكيد المنظور، حيث قدمه في أكثر الأحيان على أنه يشع من اللمسات اللونية المتراقصة، أو من أماكن موزعة بآلية عفوية، مبدلاً بين لوحة وأخرى، صيغته اللونية والضوئية، حيث تمازجت الطبيعة مع ذاته، فبدت الأشجار والخضرة طيعة، وقابلة للتجاوب مع أحاسيسه العميقة. ولقد غاب خط الرسم (فاللون هو الذي يرسم الشكل) وتحولت اللوحة إلى مزيج من الضربات والحركات اللونية المتجاورة والمتداخلة والموضوعة فوق بعضها البعض، في خطوات الوصول إلى معطيات اللون والضوء والشكل كلغة جمالية حديثة، باحثاً عن المزيد من العفوية والانفعالات المفرطة، التي نجدها في إيقاعات حركات الألوان المتتالية والمتراقصة التي توحي بالموسيقا، وتكشف بالتالي عن حلمه بإضافة الحيوية والحركة إلى اللوحة، وصياغة الايقاعات اللونية والغنائية البصرية، التي تبرز حيوية الحركة وتناسق التأليف والتلوين.‏‏
facebook.com/adib.makhzoum